لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [1].
فالله جل وعلا يخبر في هذه الآيات عن أوليائه بأنه لا خوف عليهم فيما يستقبلونه أمامهم من الأهوال والمخاوف؛ ولا هم يحزنون على ما أسلفوا؛ لأنهم لم يسلفوا إلا الأعمال الصالحة؛ لذلك كانت لهم البشارة، في الدنيا بالثناء الحسن والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، ولطف الله بهم وتيسيرهم لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفهم عن مساوئها، ولهم البشارة في الآخرة، وأولها البشارة عند قبض أرواحهم، وفي القبر، ثم دخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم[2].
قال الطبري: “إن الله تعالى ذكره أخبر أن لأوليائه المتقين البشرى في الحياة الدنيا، ومن البشارة في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ومنها بشرى الملائكة إياه عند خروج نفسه برحمة الله ... ، ومنها بشرى الله إياه وعده في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الثواب الجزيل ... ، وكل هذه المعاني من بشرى الله إياه في الحياة الدنيا بشره بها، ولم يخصص الله من ذلك معنى دون معنى، فذلك مما عمه جل ثناؤه أن لهم البشرى في الحياة الدنيا، وأما في الآخرة فالجنة، وأما قوله: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّه} ؛ فإن معناه أن الله لا خلف لوعده، ولا تغيير لقوله عما قال، ولكنه يمضي لخلقه مواعيده، وينجزها لهم”[3].
وقال ابن تيمية: “وقد فَسّر النبي صلى الله عليه وسلم البشرى في الدنيا بنوعين:
أحدهما: ثناء المثنين عليه.
الثاني: الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح، أو ترى له، فقيل: يا رسول الله [1] سورة يونس، الآيات 62- 64. [2] انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 324، وتفسير القرآن العظيم 2/405. [3] جامع البيان في تفسير القرآن 11/96.