ووجه الأنظار إلى أنه هو المتفرد بخلق السموات والأرض وما فيهن دون كل ما سواه[1]، بقوله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [2].
ولم يذكر خلق كل ما في السموات والأرض على العموم فقط، بل بين المقصود من هذا العموم بأنه شامل لما خلق فيهما من جليل ودقيق، مما يطلق عليه اسم (شيء) ، ليدلهم ذلك على وحدانيته تعالى[3].
قال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [4].
وبين سهولة الخلق عليه، وأنه لم يكرثه ولم يعجزه خلق شيء[5]، فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [6].
ثم لفت الانتباه إلى أنه خالق هذا الكون كله دون شريك، فهو المنفرد بخلق كل شيء، فالأشياء كلها خلقه وملكه، وعلى المماليك طاعة مالكهم بإفراده بالعبادة والخضوع له[7]، فقال: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ
1 "تفسير أبي السعود": (7/241) . [2] سورة الأنعام، الآية: 73.
3 "تفسير أبي السعود": (2/326) . [4] سورة الأعراف، الآية: 185.
5 "تفسير ابن كثير": (4/171) . [6] سورة الأحقاف، الآية: 33. [7] انظر: "تفسير الطبري": (18/180) .