وبهذه الأحاديث ردُّوا على من يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم أَذِنَ بأبوال الإبل للدواء، وأنَّ هذا خاص بالعلاج، وإلا فأبوال الإبل نجسة. وقالوا إن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن التداوي بالخبيث أي بالنجس وبالحرام عموماً، وكونه أذن بالتداوي بالأبوال فهو دليل على خروجها على حكم النجاسة والتحريم. واستدل بعضهم بالحديث المرفوع الذي رواه البراء وجابر ولفظه «لا بأس ببول ما أُكل لحمه» رواه الدارقطني بسندٍ واهٍ جداً. وأورده ابن حزم في الموضوعات. هذا هو مُجمل رأيهم في طهارة أبوال ما يُؤكل لحمه من الحيوان، وهذه هي أدلتهم.
أمّا قولهم إن ما سوى ما يُؤكل لحمه نجس، فلهذه الأدلة التي عللوها بأنها مأكولة اللحم وقالوا: بما أن ما سواها غير مأكول فيكون نجساً. وللحديث الآتي: عن عبد الله ابن مسعود قال «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت رَوْثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الرَّوْثة وقال: هذا رِكْس» رواه البخاري وأحمد والترمذي. ورواه ابن خُزَيمة عنه هكذا «أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتبرَّز فقال: ائتني بثلاثة أحجار، فوجدت له حجرين وروثة حمار، فأمسك الحجرين وطرح الرَّوْثة وقال: هي رِجْس» . فقالوا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد وصف الرَّوْثة بأنها رِكْس أو رِجْس، أي نجسة، وهي رَوْثة حيوان لا يُؤكل لحمه، فدل ذلك على أن بول أو روث أو رجيع ما لا يُؤكل لحمه نجس.