ولست أريد في المناقشة أن أتناول كل رأي من الآراء الثلاثة على حدة، وإنما سأناقش المسألة كلها دفعة واحدة، ليتضح من ثَمَّ الرأي الصواب بإذن الله، فأقول: إنَّ استشهاد من استشهد على نجاسة أبوال الحيوانات بحديث البخاري وروايتي ابن ماجة والدارقطني هو استشهاد غير دقيق، فقولهم إن كلمة البول تشمل بول الإنسان وبول الحيوان إنما هو كالقول: الماء كله طَهور بدليل قوله عليه الصلاة والسلام «الماء طَهور لا يُنجِّسه شيء» دون التفاتٍ إلى حديث القُلَّتين الذي خصص العموم. فقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «لا يستتر من البول» أو قوله في رواية أخرى «لا يستنزه من البول» أخرجها أحمد. وفي روايةٍ «لا يستبريء» أخرجها النَّسائي. هو عام في جميع الأبوال بلا خلاف أعلمه، إلا ممن قال إن البول هنا للعهد، وإنَّ كلمة (أل) هنا جاءت نيابة عن المضاف إليه. وإذن فإنَّ البول يعني بول الإنسان، أو من مثل القرطبي الذي يقول (قوله من البول اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سُلِّم فهو مخصوص بالأدلة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل) .