نام کتاب : الحذر من السحر نویسنده : الجريسي، خالد جلد : 1 صفحه : 24
حيث قال رحمه الله: [وقوله تعالى: [البَقَرَة: 102] {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ، أي: فيتعلم الناس من هاروت وماروت من علم السحر، ما يتصرّفون به فيما يتصرّفون فيه من الأفاعيل المذمومة، ما إنهم ليفرّقون به بين الزوجين، مع ما بينهما من الخُلطة والائتلاف، وهذا من صنيع الشياطين، كما رواه مسلم في «صحيحه» [1] ؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً؛ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ» [2] .
القول المختار في ذلك [3] : لعل ما ذهب إليه الطبري رحمه الله، من كون (ما) موصولة هو الصواب، فيكون التقدير - كما سبق -: وأقبل بعض أحبار يهود على تعلم السحر من الشياطين الذين ادَّعَوا كذبًا أنه كان سبب ملك سليمان، [1] الحديث أخرجه مسلم؛ كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، برقم (2813) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. [2] انظر: تفسير ابن كثير، (1/148) ، وقد روى حديث مسلم السابق باختلافٍ فيه يسير. [3] اختار هذا القولَ الإمامُ الطبري رحمه الله، وقد فصّل في الردِّ على من رجَّح عدم إنزال السحر على الملكين، انظر: تفسيره (1/497) ، كما الشوكانيُّ في تفسيره (1/130) ، وقد التمس عذرًا لجزم الإمام القرطبي بأن (ما) نافية، فقال: ولعل وجه الجزم بهذا التأويل - مع بُعدِه وظهورِ تكلُّفِه - تنزيه الله سبحانه أن ينزل السحر إلى أرضه فتنةً لعباده على ألسن ملائكته. ثم عقب رحمه الله على هذا الوجه من التفسير بقوله: وعندي أنه لا مُوجِب لهذا الوجه من التعسُّف لما هو الظاهر، فإن لله سبحانه أن يمتحن عباده بما شاء، كما امتحن بنَهَرِ طالوتَ، ولهذا يقول الملَكان: [البَقَرَة: 102] {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} . اهـ. وقد اختار هذا الترجيح أيضًا الإمام ابن حجر رحمه الله في الفتح (10/234) ، حيث قال: [وقوله: {وما أنزل} ، «ما» موصولة، ومحلها النصب عطفًا على السحر، والتقدير: يعلِّمون الناس السحر، والمُنْزَلَ على الملكين] ، ثم ذكر رحمه الله وجه النفي، وقال بعده: [والجمهور على خلافه وأنها موصولة] .
نام کتاب : الحذر من السحر نویسنده : الجريسي، خالد جلد : 1 صفحه : 24