responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخراج نویسنده : أبو يوسف القاضي    جلد : 1  صفحه : 23
حِينَ طُعِنَ فَقُلْتُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمْتَ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَجَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَذَلَهُ النَّاسُ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْك رَاض، وَلم يخْتل فِي خِلافَتِكَ اثْنَانِ، وَقُتِلْتَ شَهِيدًا؛ فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ. فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ[1] لِي لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْكِلاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَهْلِكُ مَنْ سِوَاهُ، الَّذِي بِطَاعَتِهِ يَنْتَفِعُ أَوْلِيَاؤُهُ، وَبِمَعْصِيَتِهِ يُضَرُّ أَعْدَاؤُهُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِهَالِكٍ هَلَكَ مَعْذِرَةٌ فِي تَعَمُّدِ ضَلالَةٍ حَسِبَهَا هُدًى، وَلا فِي تَرْكِ حَقٍّ حَسِبَهُ ضَلالَةً، وَإِنَّ أَحَقَّ مَا تَعَهَّدَ الرَّاعِي مِنْ رَعِيَّتِهِ تَعَهُّدُهُمْ بِالَّذِي لِلَّهِ عَلَيْهِمْ فِي وَظَائِفِ دِينِهِمْ الَّذِي هَدَاهُمْ اللَّهُ لَهُ؛ وَإِنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَكُمْ بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَأَنْ نَنْهَاكُمْ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَنْ نُقِيمَ أَمْرَ اللَّهِ فِي قَرِيبِ النَّاسِ وَبَعِيدِهِمْ وَلا نُبَالِي عَلَى مَنْ كَانَ الْحَقُّ.
أَلا وَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّلاةَ وَجَعَلَ لَهَا شُرُوطًا، فَمِنْ شُرُوطِهَا: الْوُضُوءُ وَالْخُشُوعُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ الطَّمَعَ وَأَنَّ الْيَأْسَ غِنًى، وَفِي الْعِزْلَةِ رَاحَةٌ مِنْ خُلَطَاءِ السُّوءِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَرْضَ عَنِ اللَّهِ فِيمَا أُكْرِهَ مِنْ قَضَائِهِ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ فِيمَا يُحِبُّ كُنْهَ شُكْرِهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عبادا يميتون الْبَاطِل بهرجه وَيُحْيُونَ الْحَقَّ بِذِكْرِهِ رَغِبُوا فَرُغِبُوا وَرَهِبُوا فَرُهِبُوا، أَنْ خَافُوا فَلا يَأْمَنُوا، أَبْصَرُوا مِنَ الْيَقِينِ مَا لَمْ يُعَايِنُوا فَخَلَصُوا بِمَا لَمْ يُزَايِلُوا. أَخْلَصَهُمُ الْخَوْفُ فَهَجَرُوا مَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ لِمَا يَبْقَى عَلَيْهِمْ، الْحَيَاةُ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ وَالْمَوْتُ لَهُمْ كَرَامَة.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ زُبَيْدٍ الأَيَامِيِّ[2] قَالَ: لَمَّا أَوْصَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "أُوصِي الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوُصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَكَرَامَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلُ[3] أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ؛ فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلامِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَجُبَاةُ الْمَالِ، أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضلهمْ عَمَّن رَضًى مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ، فَإِنَّهُمْ أصل

[1] أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة.
[2] هَكَذَا فِي الْأُصُول وَفِي ميزَان الِاعْتِدَال "زبيد بن الْحَارِث اليامي" وَهُوَ الصَّحِيح.
[3] رَاجع تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين تبوأوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ من هَاجر إِلَيْهِم} إِلَخ.
نام کتاب : الخراج نویسنده : أبو يوسف القاضي    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست