نام کتاب : الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا نویسنده : المدخلي، ربيع بن هادي جلد : 1 صفحه : 178
كلها فأطاحوا بعروش الأكاسرة والقياصرة أعظم ملوك الأرض واقتلعوا جذور الشرك والظلم ونشروا التوحيد والحق والعدل ودخل الناس في دين الله أفواجا مختارين الاهتداء بهذا القرآن, لاجرم أن سبب هذا كله هو تأثير القرآن العظيم بهذا الأسلوب الذي نراه في المصحف فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يجاهد به الكافرين كما أمره {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} ثم كان يربي المؤمنين ويزكيهم, وبهدايته والتأسي بمبلّغه ربّوا الأمم وهذبوها وقلما يقرؤه أحد كما كانوا يقرءون إلا ويهتدي به كما كانوا يهتدون, ثم حكموا الدنيا وساسوها بهذا القرآن إذ لم يكن عندهم شيء من العلم بسياسة الأمم وإدارتها إلا هذا القرآن والأسوة الحسنة بمبلغه ومنفذه الأول وبسنته المطهرة أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم, ولن يعود للمسلمين مجدَهم وعزّهم إلا إذا عادوا إلى هدايته. لقد كان لهذا القرآن العظيم في حياة الناس مسلمهم وكافرهم تأثير بعيد الغور, أما تأثيره في الكافرين فبنفوذ بلاغته، وعظمة نظمه, وأسلوبه الجاذب لفهم دعوته والإيمان به, إذ لا يخفي حسنها على أحد فهمها, وكانوا يتفاوتون في الفهم تفاوتا عظيماً لاختلاف درجاتهم في بلاغة اللغة وفهم المعاني العالية, فهذا التأثير هو الذي أنطق الوليد بن المغيرة المخزومي بكلمته العالية فيه لأبي جهل التي اعترف فيها بأنه الحق الذي يعلو ولا يعلى والذي يحطم ما تحته.
وهذا التأثير هو الذي كان يجنب رءوس أولئك الجاحدين المعاندين ليلاً لاستماع تلاوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عظيم في بيته على ما كان من نهيهم عنه ونأيهم عنه وتواصيهم وتقاسمهم بألا يسمعنّ له ثم كانوا يتسللون فرادى مستخفين ويتلاقون في الطريق متلاومين.
وهذا التأثير هو الذي حملهم على منع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من الصلاة والتلاوة في المسجد الحرام ليلاً لما كان لتلاوته وبكائه في الصلاة من التأثير الجاذب إلى الإسلام, وعللوا ذلك بأنه يفتن نساءهم وأولادهم، بل هذا التأثير هو الذي حملهم على صدّ النّبي صلى الله عليه وسلم بالقوة عن تلاوة القرآن في البيت الحرام وفي أسواق الموسم ومجامعه، وعلى نواصيهم بما حكاه الله عنهم في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} . (فصلت: 26) .
2 ـ تأثير القرآن في أنفس المؤمنين:
أما تأثيره في المؤمنين فكان كل من يدخل في الإسلام قبل الهجرة يلقن ما نزل من القرآن ليعبد الله بتلاوته ويعلم الصلاة, ولم يفرض في مكة من أركان الإسلام غيرها فيرتل
نام کتاب : الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا نویسنده : المدخلي، ربيع بن هادي جلد : 1 صفحه : 178