في الصحيح: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه وأمِّ سليم، فقيل له، فقال: "إنِّي أرحمها قُتل أخوها معي" [1]. والمعروف: أنّ أمّ سليم هذه أخْت أمِّ حرام، ولعلّهما كانتا في بيت واحد كبير لكلٍّ منهما فيه منزل؛ من أجْل ذلك نسب هذا إلى هذه تارة ونسب إلى الأخرى تارة ثانية، مع العلم أنهما خالتا أنسٍ راوي الحديث، وهو خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جَرت العادةُ مخالطة المخدومِ خادمَه وأهل خادمه، ورفْع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم[2].
ونوقش هذا: بأن الخلطة لا تُبيح المحظور. وبالنسبة لحديث أنس غير مسلّم في موضع الاستدلال هنا، كما التعلّق بأمْن الفتنة غير مسلّم هو الآخَر؛ إذ كيف تُؤمَن الفتنة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؟ [3] ولو كان أمْنُ الفتنة مُعتبَراً هنا لكان أوْلى به النبي صلى الله عليه وسلم, وقد ثبت عنه أنه لم يصافح امرأة قط [4]. وأمّا القول بشيوع العُرف بذلك، فإنّ العُرف ليس له سلطان في تغيير الأحكام الثابتة [1] أخرجه البخاري 3/1046، ومسلم 4/1908.. [2] راجع: فتح الباري 11/81. [3] راجع: البخاري 2/717، ومسلم 4/1712. [4] راجع: البخاري 2/967، ومسلم 3/1489.