وهم أيضا يقرؤون سيرة أسلافهم الصالحين، حين نُقل عنهم أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، تم يدعونه ستة أشهر أن يتقبَّله منهم، وكان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا.
إن بلوغ شهر رمضان، نعمة عظيمة، وفضل من الله الكريم، يمن به على من يشاء من عباده، لتزداد حسناتهم، وتمحى سيئاتهم، وترفع درجاتهم، وتقوى صلتهم. بمولاهم، ليكتب لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وينالوا رضاه، وتمتلئَ قلوبهم بخشيته وتقواه، ومما يدل على ذلك ويؤكده، ما ورد في حديت الثلاثة، الذين استشهد منهم اثنان، ثم مات الثالت بعدهما على فراشه، فَرُئِيَ في النوم سابقا لهما، فسئل عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فقال: "أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة، وأدرك رمضان فصامه، فوالذي نفسي بيده، إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض" رواه أحمد.
الله أكبر، كم هي غالية أوقات رمضان، كم هي نفيسة ساعات شهر الصيام، أرأيتم قيمتها ومنزلتها عند الملك العلام، ترى كم أهدرنا من أيام رمضان وساعاته، كم أضعنا في هذا الشهر العظيم من اللحظات، التي لو اغتنمناها لفزنا بنعيم الجنان، تكرما وتفضلا من رب الأرض والسماوات، فبادر أيها المسلم إلى ملئ أوقات شهرك بالعبادة والطاعات.
إذا رمضان أتى مقبلا ... فأقبل فبالخير يُستقبل
لعلك تخطئه قابلا ... وتأتي بعذر فلا يُقبل