شهركم هذا بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مرَّ بالمسلمين شهر خير لهم منه، ولا مرّ بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله ليكتب أجره ونوافله قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه قبل أن يدخله، وذلك أن المؤمن يُعِدُّ فيه القوت من النفقة للعبادة، ويُعِدُّ فيه المنافق اتباع غفلات المؤمنين، واتباع عوراتهم، فهو غُنم يغنمه المؤمن".
وهكذا فإن المؤمنين يتلذذون فيه بطاعة ربهم، ورد عن بعض السلف قال: "بلغنا أنه يوضع للصوام مائدة يأكلون عليها، والناس في الحساب، فيقولون: يا رب، نحن نحاسب وهم يأكلون، فيقال: إنهم طالما صاموا وأفطرتم، وقاموا ونمتم".
وقال مكحول: "يفوح من أهل الجنة رائحة، فيقولون: ربنا، ما وجدنا ريحا منذ دخلنا الجنة، أطيب من هذه الريح، فيقال: هذه رائحة أفواه الصوَّام.
حريٌّ بكل واحد منا أن يضاعف طاعته لله، ويكثر من كل ما يقربه لمولاه، فقد كان الأخيار السالفون، يداومون على صيام النافلة، ولا يخصون الصيام بشهر رمضان فقط، ورد أن قوما من السلف باعوا جارية لهم، فلما قرُب شهر رمضان، رأتهم يستعدون له بأنواع الأطعمة، فسألتهم عن ذلك، فقالوا: نستعد لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لاتصومون إلا رمضان، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، رُدُّوني عليهم.