نام کتاب : فقه العبادات نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 189
السؤال (114) : فضيلة الشيخ، ذكرتم من شروط وجوب الزكاة وعددتم منها أن يكون مالك المال حراً، وتحدثتم عن مال المملوك وأن المملوك لا يؤدي أو لا يجب عليه زكاة، لأن المال مال مالكه، لكن: هل يعفى المال من التزكية أم يدفع المالك من المال؟
الجواب: زكاة المال الذي عند المملوك على مالكه، لأنه هو مالك المال كما أسلفنا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "من باع عبداً له مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع" [1] ، وعلى هذا فتكون الزكاة على مالك المال، وليس على المملوك منها شيء، ولا يمكن أن تسقط الزكاة عن هذا المال.
الأصناف التي تجب فيها الزكاة ومقدار كل نوع [1] تقدم تخريجه ص (207) .
السؤال (115) : فضيلة الشيخ، ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقدار الزكاة في كل نوع منها؟
الجواب: الأموال التي تجب فيها الزكاة هي:
أولاً: الذهب والفضة، والزكاة فيهما واجبة بالإجماع من حيث الجملة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (34) (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة: 34-35) .
وكنز الذهب والفضة هو ألا يخرج الإنسان ما أوجب الله عليه فيه من زكاة أو غيرها، وإن كان ظاهراً على سطح الأرض، وإذا أخذ الإنسان ما يجب لله فيه من الزكاة وغيرها فهو غير كنز وإن دفن في الأرض، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار [1] .
والزكاة في الذهب والفضة واجبة على أي حال كان، سواء كانت دراهم من الفضة ودنانير من الذهب، أو كانت تبراً أي قطعاً من الذهب أو كانت قطعاً من الفضة، أو كانت حلياً يستعمل أو لا يستعمل، لعموم الأدلة الواردة في ذلك، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خصوص الحلي حين أتته امرأة معها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتؤدين زكاة هذا؟ " قالت: لا. قال: " أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار". فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله [2] . وهذا نص صريح في وجوب الزكاة في الحلي ولو كان ملبوساً. وإنما وجه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إلى أم البنت لأنها هي ولية أمرها.
وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء أعني مسألة الحلي ولكن الراجح ما قلناه، لأن الأحاديث عامة، والأحاديث الخاصة فيها جيدة، بل صححها بعضهم، ولا شك أنها تقوم بها الحجة، لأنه يشهد بعضها لبعض، والأصل وجوب الزكاة في الذهب والفضة حتى يقوم دليل على التخصيص.
والواجب في الذهب والفضة ربع العشر، أي واحد من أربعين، وطريقة استخراج ذلك أن تقسم ما عندك على أربعين، فما خرج من القسمة فهو الزكاة، فإذا كان عند الإنسان أربعون ألفاً من الفضة، أي أربعون ألف درهم، فليقسم الأربعين على أربعين، يخرج واحد فهو الزكاة.
وكذلك لو كان عنده أربعون ديناراً، أن يقسم الأربعين على أربعين يخرج واحد أي دينار واحد فهو الواجب، وعلى هذا فقس، قل المال أو كثر، بشرط أن يبلغ النصاب.
نصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً (85) وتساوي عشرة جنيهات سعودية ونصف وزيادة قليلة، يعني خمسة من ثمانية، فإذا كان الذهب تبلغ زنته هذا وجبت فيه الزكاة، وإن كان دون ذلك لم تجب فيه الزكاة.
أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، وهي أيضاً خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً (595) ، وتساوي بالدراهم دراهم الفضة السعودية ستة وخمسين ريالاً، أي ما يزن ستة وخمسين ريالاً من ريال الفضة السعودية، فإذا بلغ عند الإنسان من الفضة ما يزن ذلك، فقد وجبت فيه الزكاة، ومادون هذا لا زكاة فيه.
وليعلم أن القول الراجح من أقوال أهل العلم، أن الذهب لا يضم إلى الفضة في تكميل النصاب، لأنهما جنسان مختلفان، وهما وإن اتفقا في المنفعة والغرض، فإن ذلك لا يقتضي ضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، لأن الشارع قدر لكل واحد منهما نصاباً معيناً يقتضي ألا تجب الزكاة فيما دونه، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص بضم أحدهما إلى الآخر، وكما أن البر لا يضم إلى الشعير في تكميل النصاب مع أن مقصودهما واحد، فكذلك الذهب والفضة.
وبناء على ذلك: لو كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب، ونصف نصاب من الفضة، لم تجب عليه الزكاة في واحد منهما، لما ذكرنا من أنه لا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب.
ويلحق بالذهب والفضة ما جعل بدلاً عنهما في كونه نقداً يتعامل به، كالأوراق النقدية المعروفة بين الناس اليوم، فإذا كان عند الإنسان من هذه الأوراق ما تساوي قيمتيه نصاباً من الذهب أو الفضة، فإن الزكاة تجب عليه فيها، لأنها نقود وليست عروض تجارة، إذ إنها هي قيم الأشياء التي تقدر بها، وهي وسيلة التبادل بين الناس، فكانت كالدنانير والدراهم وليست كعروض التجارة كما زعمه بعضهم.
وليعلم أن الزكاة في الذهب والفضة واجبة وإن كان الإنسان قد ادخرهما لنفقاته وحاجاته، فإذا كان عند الإنسان عشرة آلاف درهم، أعدها لشراء بيت يسكنه، فإن الزكاة واجبة فيها ولو بقيت سنوات، وكذلك لو كان قد أعدها ليتزوج بها فإن الزكاة واجبة فيها ولو بقيت سنة أو أكثر.
المهم أن الزكاة واجبة في عين الذهب والفضة، فتجب فيهما بكل حال، وما يظنه بعض الناس من أن الدراهم إذا أعدت للنفقة، أو لحاجة الزواج ونحوه لا زكاة فيها، فإنه ظن خاطئ لا أصل له، لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في أقوال أهل العلم، وهذا بخلاف العروض، فإن العروض هي التي يشترط فيها نية التجارة، أما الذهب والفضة فالزكاة في أعيانهما فتجب فيهما بكل حال.
هذا أحد الأموال التي تجب فيها الزكاة، وهو الذهب والفضة.
الثاني: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (البقرة: 267) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر" [3] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" [4] ، فتجب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، من الحبوب: كالبر والذرة، والأرز وغيرها.
ومن الثمار: كالنخيل والأعناب التي تزبب ويحصل منها الزبيب، وأما الأعناب التي لا تزبب ففيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا زكاة فيها، لأنها ملحقة بالفواكه، في كالبرتقال والتفاح، ومنهم من قال: إنها تجب فيها الزكاة اعتباراً بأصل العنب، لأن أصل العنب أن يزبب، فهو شبيه بثمار النخيل، أي شبيه بالتمر، والاحتياط أن يخرج الإنسان الزكاة منه، وأما ما ليس بحبوب ولا ثمار، يكال ويدخر، مثل الفواكه على اختلاف أنواعها، والخضروات على اختلاف أنواعها، فإنه لا زكاة فيها ولو كثرت.
ومقدار الزكاة في الحبوب والثمار العشر، أي: عشرة في المائة إذا كانت تسقى بلا مؤونة، كالذي يشرب بعروقه، لكون الأرض رطبة، أو الذي يشرب بالطل، أو الذي يشرب بالأنهار، أو الذي يشرب بالقنوات التي تضرب في الأرض ثم ينبع منها الماء، هذا كله يجب فيه العشر، لأنه لا مؤونة في استخراج الماء الذي يسقى به، وأما إذا كان يسقى بمؤونة، كالذي يسقى بالسواني أو بالمكائن أو بالغرافات، أو ما أشبهها، فإن الواجب فيه نصف العشر، فأسقط الشارع عنه نصف العشر مراعاة لحاله، ونصف العشر خمسة في المائة، فإذا قدرنا أن هذه المزرعة أنتجت خمسة آلاف صاع، كان الواجب فيها إذا كان الزرع يسقى بلا مؤونة خمسمائة صاع، وإذا كان يسقى بمؤونة كان الواجب مائتين وخمسين صاعاً، وعلى هذا فقس.
ولكن لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصاباً، والنصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مجموع الآصع ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فما دون ذلك فلا زكاة فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" [5] .
هذان مالان مما تجب فيهما الزكاة.
زكاة الفواكه والخضروات إذا بيعت [1] تقدم تخريجه ص (147) . [2] أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، رقم (1563) ، والترمذي، كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الحلي، رقم (637) ، والنسائي كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، رقم (2479) ، والحاكم في المستدرك" (1/390) وقال: حديث صحيح. [3] أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب العشر فيما يسقى من ماء السماء، رقم (1483) . [4] أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الورق، ومسلم، كتاب الزكاة، باب ما ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، رقم (979) . [5] تقدم تخريجه ص (214) .
نام کتاب : فقه العبادات نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 189