نام کتاب : فقه العبادات نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 69
السؤال (47) : فضيلة الشيخ، ورد فيما رواه مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إن بين الرجل وبين الشرك الكفر ترك الصلاة" [1] هل ترك العبادة يكون شركاً؟
الجواب: نعم هو شرك من حيث المعنى العام، لأن تارك الصلاة تهاوناً إنما تركها لهواه، فقدم هواه على طاعة الله عز وجل، فكان مشركاً بهذا الاعتبار، كما قال الله عز وجل: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) (الجاثية: 23) ، فكل من اتبع هواه مقدماً له على طاعة الله عز وجل، فإن فعله هذا نوع من الشرك، وإن كان الشرك بالمعنى الأخص لا يشمل الترك.
حقيقة دين الإسلام [1] أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة رقم (82) .
السؤال (48) : فضيلة الشيخ، ما هو دين الإسلام؟
الجواب: الإسلام بالمعنى العام: هو التعبد لله تعالى بما شرعه من العبادات التي جاءت بها رسله، منذ أن تعبد الله تعالى عباده بشرعه إلى أن تقوم الساعة، فيشمل ما جاء به نوح عليه الصلاة والسلام من الهدى والحق، ويشمل ما جاء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام إمام الحنفاء، وما جاء به موسى وعيسى، كما قال الله تبارك وتعالى، أو كما ذكر الله تعالى ذلك في آيات كثيرة، تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل.
ولكنه بالمعنى الخاص: يختص بما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة، فصار من اتبعه مسلماً، ومن خالفه ليس بمسلم، لأنه لم يستسلم لله، بل استسلم لهواه. فاليهود مسلمون في زمن موسى عليه الصلاة والسلام، والنصارى مسلمون في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام، وأما بعد أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم فكفروا به فليسوا بمسلمين، ولهذا لا يجوز لأحد أن يعتقد أن دين اليهود والنصارى الذي يدينون به اليوم دين صحيح مقبول عند الله، مساو لدين الإسلام، بل من اعتقد ذلك فهو كافر خارج عن دين الإسلام، لأن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام) (آل عمران: 19) ، ويقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (آل عمران: 85) .
وهذا الإسلام الذي أشار الله إليه هو الإسلام الذي امتن الله به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، لقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) (المائدة: 3) ، وهذا نص صريح في أن من سوى هذه الأمة بعد أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا على الإسلام، وعلى هذا فما يدينون الله به لا يقبل منهم، ولا ينفعهم يوم القيامة، ولا يحل لنا أن نعتبره ديناً قائماً قويماً، ولهذا يخطئ خطأ كبيرا من يصف اليهود والنصارى بأنهم إخوة لنا أو يقول: إن أديانهم اليوم قائمة، لما أسلفناه آنفاً.
وإذا قلنا: إن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع، شمل ذلك الاستسلام له ظاهراً وباطناً، فيشمل الدين كله عقيدة وعملاً وقولاً، أما إذا قرن الإسلام بالإيمان، فإن الإسلام يكون بمعنى الأعمال الظاهرة، من نطق اللسان وعمل الجوارح، والإيمان الأعمال الباطنة، من العقيدة وأعمال القلوب، ويدل على هذا التفريق قوله تبارك وتعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات: 14) ، وقوله تعالى في قصة لوط: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (35) (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الذاريات: 35-36) .
فإنه فرق هنا بين المؤمنين والمسلمين، لأن البيت الذي كان في القرية بيت إسلامي في ظاهره، إذ إنه يشمل امرأة لوط التي خانته وهي كافرة. وأما من أخرج منها ونجا فإنهم المؤمنون حقا، الذين دخل الإيمان في قلوبهم، ويدل لذلك أي للفرق بين الإيمان والإسلام عند اجتماعهما، حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت"، وقال في الإيمان: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره" [1] ، فالحاصل أن الإسلام عند الإطلاق يشمل الدين كله، ويدخل فيه الإيمان، وأنه إذا قرن مع الإيمان فسر بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وأعمال الجوارح، وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها. [1] تقدم تخريجه ص (36) .
السؤال (46) : فضيلة الشيخ، عرفنا أنواع الشرك لكن هل هناك تعريف محدد لكل نوع منها؟
الجواب: نعم، ذكرنا أن الشرك الأصغر كل ما أطلق عليه الشارع اسم الشرك، أو وصف الشرك، ولكنه لا يخرج من الملة، وأن الشرك الأكبر كل ما أطلق الشارع عليه اسم الشرك أو وصف الشرك وهو مخرج من الملة.
هل يسمى ترك العبادة شركاً؟
نام کتاب : فقه العبادات نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 69