الفرق بين الحمى وإحياء الموات:
الحمى في اللغة معناه المنع، ورد في المصباح حميت المكان من الناس أي منعتهم عنه، وأحميته بالألف جعلته حما لا يقرب.
ولا يحمى إلا الإمام أو نائبه أو وإلى ناحية، وإذا حمى الإمام أيضا لنعم[1] ضالة أو لخيل الجهاد، وغير ذلك من المصالح، ومنها ما حماه الإمام لتكون مرعى لنعم الجزية أو الصدقة، أو لنعم رجل ضعيف لا يقدر على النجعة "بضم النون"، أي الإبعاد في طلب المرعى، امتنع على عامة الناس إحياؤها، فيجوز للإمام أو لنائبه أن يمنع الناس من رعى جزء معين لهذا الغرض لكن بشرط أن يكون ما حماه الإمام قليلًا من كثير بحيث يكفي الباقي حاجة الناس، وإن تباعدوا المرعى.
ودليل ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وقيل البقيع[2].
وخرج بالحمى لنعم الصدقة وغيرها من المصالح العامة ما لو حمى الإمام لنفسه فلا يجوز، وخرج بالرعي الشرب، فليس للإمام أن يحمي الماء العد "بكسر أوله"، وهو الذي مادته لا تنقطع كماء عين، أو بئر لشرب خيل الجهاد، وإبل الصدقة والجزية وغيرها، فلا يجوز ذلك؛ لأن الماء وهو أصل الحياة، والأظهر أنه يجوز للإمام أن يحيي أرضا مواتا لطائفة من الناس استنادا على أن الرسول قد حمى أرضا بالبقيع أو النقيع.
ومقابل الأظهر عدم الجواز لخبر: "لا حمى إلا لله ولرسوله".
والراجح هو الأول؛ لأنه يمكن أن يقال: إن معنى هذا الحديث أنه لا يحمى [1] الأنعام هي الإبل والبقر والغنم من الماشية. [2] رواه البخاري من طريق ابن عيينة عن الزهري، ورواه أحمد والحاكم، وأبو داود من طريق عبد العزيز الداراوردي.. والنقيع هو من ديار مزينة، وهو في صدر وادي العقيق، ويشتبه بالبقيع والمشهور الأول "التلخيص الحبير ج2 ص281".