فإن جاءَا معًا أو جهل السابق، أو تنازعا في الابتداء أقرع بينهما في الأصح لانتفاء المرجع نعم لو كان أحدهما مسلما، والآخر ذميا قدم المسلم بدون إقراع، وإن اشتدت حاجة الذمي؛ لأن ارتفاقه إنما هو بطريق التبع للمسلمين، ومقابل الأصح يجتهد الإمام، ويقدم من يراه أحوج، وقيل: بنصب من يقسم بينهما الحاصل.
2- إذا أحيا مواتًا، فظهر فيه معدن ظاهر، أو باطن ملكه مع ملكه للبقعة لكونه من أجزاء الأرض المملوكة بالأحياء، ومع ملكه للبقعة يملك ما فيها بشرط أن لا يعلم بالمعدن حال الإحياء، فإن علمه وبنى عليه دارا مثلا، فلا يملك شيئا لا المعدن ولا الأرض في أرجع الطريقين لفساد القصد، إذ المعدن لا يتخذ دارًا ولا مزرعة، ولا بستانًا.
المياه وحكم تملكها:
أصل الماء ماء بالهاء، فأبدلت همزة؛ لأنها أقوى على الحركة يدل على ذلك ظهورها في الجمع والتصغير، فتقول في ماء مياه أمواه ومويه.
والمياه تنقسم إلى قسمين: الأول: مباح. والثاني: مختص.
الأول الماء المباح وحكمه: أما المباح فمياه الأودية كالنيل والفرات، والعيون الكائنة في الجبال ونحوها من كل ما ينبع في الموات، وسيول الأمطار؛ لأنه مشترك بين الناس لقوله صلى الله عليه وسلم: "الناس شركاء في ثلاثة الماء والنار والكلأ" [1]، فمن سبق إلى شيء منه كان أحق به لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه، فهو أحق به"، فإن أراد أن يسقي منه أرضا، فإن كان نهرًا عظيما كالنيل والفرات، وما أشبههما من الأودية العظيمة جاز أن يسقي منه ما شاء، ومتى شاء؛ لأنه لا ضرر فيه على أحد، وإن كان نهرا صغيرا لا يمكن له سقي [1] رواه الخطيب في الرواة عند مالك، عن نافع عن عمر، وزاد فيه: والملح وفيه عبد الله بن خواش متروك، وقد صححه ابن السكن "التلخيص ج3 ص65".