النهي الذي لا يفسد البيع:
والغرض من هذا المبحث هوب بيان العقود التي نهى الشارع عنها، وحرم تعاطيها ومع ذلك تصح سواء سبقتها تلك المنهبات، أو قارنتها قال المصنف: ومن المنهي عنه ما لا يبطل بالنهي عنه لمعنى اقترن به لا لذاته، أو لازمه فقوله: ما لا يبطل بالنهي عنه أي نوع مغاير للأول، والضمير في يبطل عائد على البيع لدلالة السياق عليه.
والنهي في هذه الأمور كما سبق أن ذكرنا لا يرجع إلى ذات العقد، ولا إلى لازمه بل لأمر خارج عنهما كالتضييق، والإيذاء، وهذا لا يقتضي الفساد كبيع الحاضر للبادي، بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه، فيقول له: بلدي أي رجل من أهل تلك البلد اتركه عندي لا بيعه لك على التدريج شيئا، فشيئا بأغلى، فيوافقه على ذلك[1]، فالمنهي عنه هو القول المذكور أما البيع بعد ذلك فجائز، قال بعضهم: لأنه تنته به الحرمة، وقوله: فيوافقه على ذلك ليس قيدا في الحرمة، فالقول حرام، وإن لم يوافقه عليه بل، وإن خالفه بعدم امتثاله بالبيع حالًا.
ويظهر أن بعض أهل البلد لو كان عند متاع مخزون، فأخرجه لبيعه حالا، فتعرض له من يبيعه له تدريجا بأغلى حرم للعلة المذكورة، ولكن اعتمد شيخنا عدم الحرمة؛ لأن النفوس لها تشوف لما يقدم به بخلاف الحاضر.
قال صلى الله عليه وسلم: "لا يبع حاضر لباد" [2]، رواه الشيخان من رواية أبي هريرة، وغيره زاد مسلم: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض". [1] شرح جلال الدين المحلي "ج2 ص182". [2] وهو حديث جابر، وحديث أبي هريرة مثله "متفق عليه" التخليص ج3 ص14.