وروي عن قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: "اختر منهن أربعا".
وروي عن نوفل بن معاوية أنه أسلم وتحته خمس نسوة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "أمسك أربعا وفارق الأخرى".
فدلت الأحاديث بمجموعها على أنه لا يجوز للحر الزيادة في النكاح عن أربع.
وقال ابن عبد البر: الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرو شيء يخالفها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والأصول تعضدها والقول بها والمصير إليها أولى، وبالله التوفيق.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والأحاديث بمجموعها لا تقتصر عن رتبة الحسن لغيره فتنهض بمجموعها للاحتجاج بها، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال.
وقال -أيضا- في السيل الجرار: والاستدلال على ذلك بحديث قيس بن الحارث، وغيلان الثقفي، ونوفل بن معاوية، هو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال، ولكن الاجماع على ما دلت عليه قد صارت به من المجمع على العمل به.
وحكى ذلك الإجماع ابن حجر في الفتح، وصاحب البحر الزخار، ولم ينقل عن أحد من السلف في عهد الصحابة والتابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع، فدل العمل وفق السنة على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع نسوة.
ثانيا: أدلة الرافضة وبعض أهل الظاهر استدلوا بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [1].
وزعموا أن الواو للجمع وأكدوا زعمهم هذا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج تسعا وجمع بينهن في عصمته إذن يباح للرجل المسلم أن يجمع بين تسع [1] من الآية 3 من سورة النساء.