فأما ضعفة الكفار: كالشيخ الهرم، والزمن، أو كان ممن قد تخلى من الرهبان، وأصحاب الصوامع، فينظر، فإن كانوا يمدون المقاتلة بآرائهم وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ جَازَ قَتْلُهُمْ عِنْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ وَكَانُوا فِي حُكْمِ الْمُقَاتِلَةِ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِنْ لَمْ يُخَالِطُوهُمْ فِي رَأْيٍ وَلَا تَحْرِيضٍ لم يجز قتلهم، فهذا حكم القتل. وَأَمَّا السَّبْيُ فَهُمْ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ. فَلَا يَجُوزُ قتلهم، سواء كانوا من أهل الكتاب، أو كانوا مِنْ قَوْمٍ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ، كَالدَّهْرِيَّةِ، وَعَبَدَةِ الأوثان. ويكونون سبيا مسترقا، يقسمون بين الغانمين , وهذا ظاره كلام الخرقي؛ لأنه قال " وإنما يكون له استراقاقهم إذا كانوا من أهل الكتاب أو مجوس. فأما ما سوى هؤلاء من العدو فلا يقبل من بالغي رجالهم إلا الإسلام أو السيف أو الفداء". وظاهر هذا أن غير البالغين من الرجال والنساء لا يقتلون. وليس يمتنع أن لا يجري القتل على النساء والصبيان من غير أهل الكتاب. ويجري على الرجال والبالغين، كما وجب حقن دماء أهل الكتاب ولم يجب حقن دماء الرجال منهم.
ولا يفرق - ممن استرق - بين ذوي الرحم المحرم، كالوالدين، والمولودين، الإخوة، والأخوات. ولا يجوز أن يفادى بالسبي على مال. ولا يفادونهم على أسرى من المسلمين في أيدي قومهم. وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: في الصغير يسبى، هل يفادى به، وهو مع أبويه، وهو على دينهم؟ قال " لا" وإن كان على دينهم، ولا يفادي وهم صغار، يطمع أن يموت أبواهم وهم صغار، فيكونون مسلمين".فقد نص على المنع في الصبيان.