responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 131
وَقَادَهُ الْعُنْفُ أَنْ يُحْسِنَ، فَاقْتَصَرَ خُلَفَاءُ السَّلَفِ عَلَى فَصْلِ التَّشَاجُرِ بَيْنَهُمْ بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ تَعْيِينًا لِلْحَقِّ فِي جِهَتِهِ؛ لِانْقِيَادِهِمْ إلَى الْتِزَامِهِ، وَاحْتَاجَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ تَأَخَّرَتْ إمَامَتُهُ وَاخْتَلَطَ النَّاسُ فِيهَا، وَتَجَوَّزوا إلَى فَصْلِ صَرَامَةٍ فِي السِّيَاسَةِ، وَزِيَادَةِ تَيَقُّظٍ فِي الْوُصُولِ إلَى غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَاسْتَقَلَّ بِهَا، وَلَمْ يَخْرُجْ فِيهَا إلَى نَظَرِ الْمَظَالِمِ الْمَحْضِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ فِي الْمِنْبَرِيَّةِ[1]: صَارَ ثَمَنُهَا تِسْعًا، وَقَضَى فِي الْقَارِصَةِ وَالْقَامِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا[2].
وَقَضَى فِي وَلَدٍ تَنَازَعَتْهُ امْرَأَتَانِ بِمَا أَدَّى إلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ، ثُمَّ انْتَشَرَ الْأَمْرُ بَعْدَهُ حَتَّى تَجَاهَرَ النَّاسُ بِالظُّلْمِ وَالتَّغَالُبِ، وَلَمْ يَكْفِهِمْ زَوَاجِرُ الْعِظَةِ عَنِ التَّمَانُعِ وَالتَّجَاذُبِ، فَاحْتَاجُوا فِي رَدْعِ الْمُتَغَلِّبِينَ وَإِنْصَافِ الْمَغْلُوبِينَ إلَى نَظَرِ الْمَظَالِمِ الَّذِي يَمْتَزِجُ بِهِ قُوَّةُ السَّلْطَنَةِ بِنِصْفِ الْقَضَاءِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَفْرَدَ لِلظُّلَامَاتِ يَوْمًا يَتَصَفَّحُ فِيهِ قَصَصَ الْمُتَظَلِّمِينَ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلنَّظَرِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَكَانَ إذَا وَقَفَ مِنْهَا عَلَى مُشْكِلٍ، أَوْ احْتَاجَ فِيهَا إلَى حُكْمٍ مُنَفَّذٍ رَدَّهُ إلَى قَاضِيهِ أَبِي إدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ، فَنَفَّذَ فِيهِ أَحْكَامَهُ لِرَهْبَةِ التَّجَارِبِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي عِلْمِهِ بِالْحَالِ، وَوُقُوفِهِ عَلَى السَّبَبِ، فَكَانَ أَبُو إدْرِيسَ هُوَ الْمُبَاشِرُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْآمِرُ.
ثُمَّ زَادَ مِنْ جَوْرِ الْوُلَاةِ وَظُلْمِ الْعُتَاةِ مَا لَمْ يَكْفِهِمْ عَنْهُ إلَّا أَقْوَى الْأَيْدِي وَأَنْفَذُ الْأَوَامِرِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَوَّلَ مَنْ نَدَبَ نَفْسَهُ لِلنَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ، فَرَدَّهَا وَرَاعَى السُّنَنَ الْعَادِلَةَ وَأَعَادَهَا، وَرَدَّ مَظَالِمَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى أَهْلِهَا، حَتَّى قِيلَ لَهُ -وَقَدْ شَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَأَغْلَظَ: إنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ رَدِّهَا الْعَوَاقِبَ، فَقَالَ: كُلُّ يَوْمٍ أَتَّقِيهِ وَأَخَافُهُ دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا وُقِيتُهُ.
ثُمَّ جَلَسَ لَهَا مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ جَمَاعَةٌ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَلَسَ لَهَا الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ الْهَادِي،

[1] يعني: المسألة المنبرية، وتسمَّى المنبرية، وذلك أنَّ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- سُئِلَ عن ميراث الزوجة من هذه المسألة وهو يخطب على المنبر، فقال: عاد ثمنها تسعًا، ومضى في خطبته.
[2] رواه البيهقي في السنن الكبرى "8/ 112"، وقال: قال ابن أبي زائدة: وتفسيره أن ثلاث جوار كنَّ يلعبن، فركبت إحداهن صاحبتها فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت، فسقطت الراكبة فوقصت عنقها، فجعل علي -رضي الله عنه- على القارصة ثلث الدية، وعلى القامصة الثلث، وأسقط الثلث، يقول: لأنه حصة الراكبة؛ لأنها أعانت على نفسها. وانظر: تأويل مختلف الحديث [ص 161] .
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست