responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 31
وَالثَّانِي: أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى، فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا، وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا، وَخَرَجَ بَاقِي الصَّحَابَةِ مِنْهَا، وَقَالَ عَلِيٌّ لِلْعَبَّاسِ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا- حِينَ عَاتَبَهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي الشُّورَى: كَانَ أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ لَمْ أَرَ لِنَفْسِي الْخُرُوجَ مِنْهُ، فَصَارَ الْعَهْدُ بِهَا إجْمَاعًا فِي انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَعْهَدَ بِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُجْهِدَ رَأْيَهُ فِي الْأَحَقِّ بِهَا، وَالْأَقْوَمِ بِشُرُوطِهَا، فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي وَاحِدٍ نَظَرَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لَهُ، وَبِتَفْوِيضِ الْعَهْدِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِيهِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا: هَلْ يَكُونُ ظُهُورُ الرِّضَا مِنْهُمْ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ بَيْعَتِهِ أَوْ لَا؟ فَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إلَى أَنَّ رِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ لِبَيْعَتِهِ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا لِلْأُمَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، فَلَمْ تَلْزَمْهُمْ إلَّا بِرِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَيْعَتَهُ مُنْعَقِدَةٌ وَأَنَّ الرِّضَا بِهَا غَيْرُ مُعْتَبَر[1]ٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَةَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ أَحَقُّ بِهَا، فَكَانَ اخْتِيَارُهُ فِيهَا أَمْضَى، وَقَوْلُهُ فِيهَا أَنْفَذَ؛ وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْعَهْدِ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ انْفِرَادِهِ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لِوَلَدٍ وَلَا لِوَالِدٍ حَتَّى يُشَاوِرَ فِيهِ أَهْلَ الِاخْتِيَارِ فَيَرَوْنَهُ أَهْلًا لَهَا، فَيَصِحُّ مِنْهُ حِينَئِذٍ عَقْدُ الْبَيْعَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَزْكِيَةٌ لَهُ تَجْرِي مَجْرَى الشَّهَادَةِ، وَتَقْلِيدُهُ عَلَى الْأُمَّةِ يَجْرِي مَجْرَى الْحُكْمِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِوَالِدٍ وَلَا لِوَلَدٍ وَلَا يَحْكُمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتُّهْمَةِ الْعَائِدَةِ إلَيْهِ بِمَا جُبِلَ مِنَ الْمَيْلِ إلَيْهِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِهَا لِوَلَدٍ وَوَالِدٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِيرُ الْأُمَّةِ نَافِذُ الْأَمْرِ لَهُمْ

[1] قلت: وهذا الكلام من المصنّف مردود عليه؛ إذ إنَّ أبا بكر لم يعهد بالخلافة إلى عمر إلّا بعد مشاورات وموافقات من الصحابة كما قدَّمنا، كما أنَّ عمر حين حدَّد من حدَّد من الصحابة لاختيار الخليفة من بينهم، إنَّمَا اختار أولئك الذين لا يختلف عليهم اثنان من الصحابة على أنهم الأفضل والأصلح، بل كانوا هم أهل الحل والعقد والمشورة في حياة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم، وحياة أبي بكر وعمر من بعده.
وعليه: فإنَّ ما نراه أنَّ موافقة الأمة على تولية الخليفة لولي العهد أمر لا بُدَّ منه لتصحَّ ولاية العهد.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست