responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 80
الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ، فَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَرْغِيبِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؛ لِيَكُونَ أَرْغَبَ الْفَرِيقَيْنِ.
وَالثَّامِنُ: أَنْ يُشَاوِرَ ذَوِي الرَّأْيِ فِيمَا أَعْضَلَ، وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِ الْحَزْمِ فِيمَا أَشْكَلَ؛ لِيَأْمَنَ الْخَطَأَ وَيَسْلَمَ مِنَ الزَّلَلِ، فَيَكُونَ مِنَ الظَّفَرِ أَقْرَبَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي أَمْرِهِ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمُشَاوَرَةِ مَعَ مَا أَمَدَّهُ بِهِ مِنَ التَّوْفِيقِ، وَأَعَانَهُ مِنَ التَّأْيِيدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِي الْحَرْبِ؛ لِيَسْتَقِرَّ لَهُ الرَّأْيُ الصَّحِيحُ فِيهِ فَيَعْمَلَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَالَ: "مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ إلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أُمُورِهِمْ" [1].
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ وَتَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ لِمَا عَلِمَ فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ وَعَادَ بِهَا مِنَ النَّفْعِ، وَهَذَا قَوْلُ الضَّحَّاكِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ لِيَسْتَنَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَتْبَعَهُ فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ مَشُورَتِهِمْ غَنِيًّا، وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ.
وَالتَّاسِعُ: أَنْ يَأْخُذَ جَيْشَهُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حُقُوقِهِ، وَأَمَرَ بِهِ مِنْ حُدُودِهِ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ تَجَوُّزٌ فِي دِينٍ وَلَا تَحَيُّفٌ فِي حَقٍّ، فَإِنَّ مَنْ جَاهَدَ عَنِ الدِّينِ كَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِهِ وَالْفَصْلِ بَيْنَ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ.
وَقَدْ رَوَى حَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:
"انْهَوْا جُيُوشَكُمْ عَنِ الْفَسَادِ، فَإِنَّهُ مَا فَسَدَ جَيْشٌ قَطُّ إلَّا قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَانْهَوْا جُيُوشَكُمْ عَنِ الْغُلُولِ، فَإِنَّهُ مَا غَلَّ جَيْشٌ قَطُّ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرَّجْلَةَ، وَانْهَوْا جُيُوشَكُمْ عَنِ الزِّنَا، فَإِنَّهُ مَا زَنَى جَيْشٌ قَطُّ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَانِ".
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ، اعْمَلُوا صَالِحًا قَبْلَ الْغَزْوَةِ، فَإِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ.
وَالْعَاشِرُ: أَنْ لَا يُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ جَيْشِهِ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِتِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ؛ لِصَرْفِهِ الِاهْتِمَامَ بِهَا عَنْ مُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَصِدْقِ الْجِهَادِ، رُوِيَ عَنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "بُعِثْتُ مَرْغَمَةً وَمَرْحَمَةً

[1] قال الشيخ الألباني في صحيح الكلم الطيب "116": واهٍ جدًّا.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست