الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون - الحفناوي، منصور

نام کتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون نویسنده : الحفناوي، منصور جلد : 1 صفحه : 85

وحكى صاحب البحر الرائق ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن من أدخل إنسانًا في بيت حتى مات جوعًا أو عطشًا، لا يضمن شيئًا، ومن طين على آخر بيتا حتى مات جوعًا، أو عطشًا لم يضمن شيئا، أما صاحباه أبو يوسف ومحمد فقد قالا في هاتين الحالتين بوجوب الدية على الفاعل.
وقد ورد أن محمدًا قال: يوجع الفاعل عقوبة والدية على عاقلته، وأن كانت الفتوى في ذلك كله هي ما قاله الإمام أبو حنيفة[1].
هذا ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة في مثل هذه الجرائم، مع أن القتل فيها لم يكن نتيجة الترك فقط، وإنما وجد معه عمل إيجابي، ألا وهو حبس هذا الإنسان، ومنعه من أن يصل إليه، أو يصل هو إلى طعام.
كما أنه لا يخفى ما للحبس من دور هام في تحصيل جريمة القتل هذه، ومع هذا فالإمام أبو حنيفة لا يرى فيما ذكر قصاصًا، ولا دية لكون الإهلاك حصل نتجة الجوع والعطش، وهما عنده ليسا من صنع الحابس، فلا يوصف الحابس إذا عند أبي حنيفة بأنها القاتل في كل ذلك[2].
ويبين من هذا أن الإمام أبا حنيفة، والصاحبين لا يسوون بين الجرائم التي تقع بالفعل، وبين مثيلاتها من الجرائم التي تقع بالترك، فيما يترتب على كل منهما من نتائج وأحكام، وما يلزم الجاني من عقوبة.

[1] يقول ابن نجيم: ومن أدخل إنسانًا في بيت حتى مان جوعا، أو عطشا لم يضمن شيئًا في قول أبي حنيفة، وقالا: عليه الدية، وفي الخانية قال محمد: يعاقب الرجل وعلى عاقلته الدية. وفي الظاهرية، ولو أن رجلًا أخذ رجلًا، فقيده وحبسه حتى مات جوعًا: قال محمد: أوجعه عقوبة والدية على عاقلته، والفتوى على قول أبي حنيفة أنه لا شيء عليه.
البحر الرائق ج8 ص336 ط دار المعرفة بيروت.
[2] البدائع للكاساني ج7 ص335، الجريمة للشيخ أبو زهرة ص 141 التشريع الجنائي للأستاذ عبد القادر ج1 ص86، 90.

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست