نام کتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي نویسنده : محمد رأفت عثمان جلد : 1 صفحه : 515
أفضل من توفرت فيه بقية الشروط فلا يصح لهذا أن يحكم بعلمه؛ لأنه غير مأمون أن يدعي علما بحدوث جرائم من أشخاص يريد أن يؤذيهم، فيدعي مثلا على رجل أنه شاهده يطلق زوجته طلاقا ثالثا ونحو هذا، وقد صرح بعض العلماء بهذا, قال الأذرعي أحد فقهاء الشافعية: "وإذا أنفذنا أحكام القاضي الفاسق للضرورة فينبغي أن لا ينفذ قضاؤه بعلمه بلا خلاف، إذ لا ضرورة إلى تنفيذ هذه الجزئية النادرة مع فسقه الظاهر، وعدم قبول شهادته بذلك قطعا"[1].
وبعد، فبهذا تكون قد انتهينا من الكلام عن وسائل الإثبات، ونحب قبل أن ننتقل إلى مسألة أخرى، أن نبين أن المجتمعات التي لم تعرف الإسلام كانت إلى ما قبل القرن الثالث عشر الميلادي تتبع وسائل في الإثبات أقرب إلى الفوضى ولعب الأطفال، فقد كان المطلوب من المدعى عليه أن يحمل حديدا محميا، أو يغمس ذراعه في زيت أو ماء مغلي، أو يلقى في حفرة فيها مجموعة من الثعابين، فإن كان برئيًا فإن العناية الإلهية ستنقذه ولا يصاب بأي أذى، وأما لو أصيب بأذى فإن اتهامه يكون مقطوعا به، كما أنه كان من الأدلة المتعارف عليها أن يحضر كل خصم ديكا، فتتقاتل الديكة، وينظر إلى الديك الغالب على أنه دليل على صدق دعوى صاحبه.
وفي القانون الروماني كان حسن الصوت دليلا على ثبوت الحق لصاحبه، وفي اليابان كان الشخص ينتحر أمام باب خصمه بشق بطن نفسه إذا لم يستطع التوصل إلى دليل يؤيد جانبه، ومعنى ذلك إثبات الحق واستنزال غضب الآلهة على خصمه. [1] مغني المحتاج، ج4، ص399.
نام کتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي نویسنده : محمد رأفت عثمان جلد : 1 صفحه : 515