responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح السير الكبير نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 53
مِنْ وَرَاءِ الْجُدُرِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحشر: 14] . فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ الْحَرْبِ. وَكُلَّمَا نَقَبُوا جِدَارَ بَيْتٍ مِنْ جَانِبٍ لِيَدْخُلُوا نَقَبُوا هُمْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَر لِيَخْرُجُوا إلَى بَيْتٍ آخِر، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] فَلَمَّا لَحِقَهُمْ مِنْ الْعُسْرِ مَا لَحِقَهُمْ، وَلَمْ يَأْتِهِمْ أَحَدٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ كَانُوا وَعَدُوا لَهُمْ ذَلِكَ - أَيْ الْمُنَافِقِينَ وَعَدُوا بَنِي النَّضِيرِ النُّصْرَةَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: {وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} [الحشر: 11] .
وَقَدْ كَانَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِقَطْعِ النَّخِيلِ فَقُطِعَتْ. وَكَانَ الْعَذْقُ أَحَبَّ إلَى أَحَدِهِمْ مِنْ الْوَصِيفِ. «فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَيْسَ لَنَا مُقَامٌ بَعْدَ النَّخِيلِ. فَنَادَوْهُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَدْ كُنْت تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ فَمَا لِلنَّخِيلِ تُقَطِّعُ وَتُحَرِّقُ؟ أَتُؤَمِّنَنَا عَلَى دِمَائِنَا وَذَرَارِيِّنَا وَعَلَى مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ إلَّا الْحَلْقَةَ - يَعْنِي السِّلَاحَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَتَحُوا الْحُصُونَ، وَأَجْلَاهُمْ عَلَى مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبَا لَيْلَى الْمَازِنِيَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ أَبَا لُبَابَةَ عَلَى قَطْعِ نَخِيلِهِمْ. وَكَانَ أَبُو لَيْلَى يَقْطَعُ الْعَجْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَقْطَعُ اللَّوْنَ. فَقِيلَ لِأَبِي لَيْلَى: لِمَ قَطَعْت الْعَجْوَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا كَانَتْ أَغْيَظَ لَهُمْ. وَقِيلَ لِابْنِ سَلَامٍ: لِمَ قَطَعْت اللَّوْنَ؟ قَالَ: عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ نَبِيَّهُ وَمُغَنِّمُهُ أَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْت إبْقَاءَ الْعَجْوَةِ وَهِيَ خِيَارُ أَمْوَالِهِمْ. فَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] الْآيَةَ. وَفِي رِوَايَةٍ: نَادَى الْيَهُودَ مِنْ فَوْقِ الْحُصُونِ: تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ لَا تُفْسِدُونَ (26 آ) ، وَأَنْتُمْ تَعْقِرُونَ النَّخْلَ، وَاَللَّهُ مَا أَمَرَ بِهَذَا، فَاتْرُكُوهَا

نام کتاب : شرح السير الكبير نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست