responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 257
كَانَ قَدْ حَجَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ رَآهُ بِعَرَفَةَ، وَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَنْ دَمَامِينَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، فَاخْتَصَمَا إِلَيْهِ، وَذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينَهُ، فَأَقَرَّهُمَا عَلَى حَالِهِمَا، وَأَبْقَى كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حُكْمِهِ فِيهِمَا، وَصِدْقُ أَحَدِهِمَا يُوجِبُ حِنْثَ الْآخَرِ، وَكَانَ حَاضِرًا مَعَنَا رِجَالٌ مُعْتَبَرُونَ، قَالَ الشَّيْخُ لَنَا: قُولُوا أُذِنَّا مِنْهُ بِأَنْ نَتَحَدَّثَ فِي سِرِّ هَذَا الْحُكْمِ، فَتَحَدَّثَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِوَجْهٍ لَا يَكْفِي، وَكَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَدِ اتَّضَحَتْ لِي، فَأَشَارَ إِلَيَّ بِالْإِيضَاحِ، فَقُلْتُ: الْوَلِيُّ إِذَا تَحَقَّقَ فِي وِلَايَتِهِ، مُكِّنَ مِنَ التَّصَوُّرِ فِي صُوَرٍ عَدِيدَةٍ، وَتَظْهَرُ عَلَى رُوحَانِيَّتِهِ فِي حِينٍ وَاحِدٍ، فِي جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَإِنَّهُ يُعْطِي التَّطَوُّرَ فِي الْأَطْوَارِ، وَالتَّلَبُّسَ فِي الصُّوَرِ عَلَى حُكْمِ إِرَادَتِهِ، فَالصُّورَةُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِمَنْ رَآهَا بِعَرَفَةَ حَقٌّ، وَصُورَتُهُ الَّتِي رَآهَا الْآخَرُ لَمْ تُفَارِقْ دَمَامِينَ حَقٌّ، وَصَدَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي يَمِينِهِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
وَقَدْ سَاقَ ذَلِكَ اليافعي فِي كِفَايَةِ الْمُعْتَقِدِ، وَقَالَ فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مُشْكِلٌ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْفَقِيهُ ذَلِكَ، وَلَا يُسَوَّغُ فِي عَقْلِهِ أَبَدًا، وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عِنْدَهُ بِعَدَمِ حِنْثِ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا؛ إِذْ وُجُودُ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَكَانَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مُحَالٌ فِي الْعَقْلِ.
فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا: مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ صفي الدين الْمَذْكُورُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُحَالًا؛ لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ تَعَدُّدِ الصُّوَرِ الرُّوحَانِيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصُورَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى يَلْزَمَ مِنْهُ الْمُحَالُ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: الْإِشْكَالُ بَاقٍ فِي تَعَدُّدِ الصُّوَرِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ وَشُوهِدَ، وَلَا يُمْكِنُ جَحْدُهُ، وَإِنْ تَحَيَّرَ فِيهِ الْعَقْلُ، مِنْ ذَلِكَ مَا اشْتُهِرَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ الْكَعْبَةَ الْمُعَظَّمَةَ شُوهِدَتْ تَطُوفُ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ فِي أَوْقَاتٍ فِي غَيْرِ مَكَانِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا فِي مَكَانِهَا، لَمْ تُفَارِقْهُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ قضيب البان، وَرُوِّينَا عَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ أَنَّهُ قَالَ: مَا الشَّأْنُ فِي الطَّيَرَانِ إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ، وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ يَشْتَاقُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى زِيَارَةِ الْآخَرِ، فَيَجْتَمِعَانِ وَيَتَحَدَّثَانِ، وَيَعُودُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَكَانِهِ، وَالنَّاسُ يُشَاهِدُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَكَانِهِ لَمْ يَبْرَحْ عَنْهُ.
وَقَالَ اليافعي أَيْضًا فِي رَوْضِ الرَّيَاحِينِ: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَجَّ رَجُلٌ سَنَةً، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِأَخٍ لَهُ: رَأَيْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: نَحْنُ كُنَّا عِنْدَهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فِي رِبَاطِهِ بِبَابِ تُسْتَرَ، فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ رَآهُ فِي الْمَوْقِفِ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: قُمْ بِنَا حَتَّى نَسْأَلَهُ، فَقَامَا وَدَخَلَا عَلَيْهِ، وَذَكَرَا لَهُ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا، وَسَأَلَاهُ عَنْ حُكْمِ الْيَمِينِ، فَقَالَ سهل: مَا لَكُمْ بِهَذَا مِنْ حَاجَةٍ اشْتَغِلُوا بِاللَّهِ، وَقَالَ لِلْحَالِفِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، وَلَا تُخْبِرْ بِهَذَا أَحَدًا، انْتَهَى.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست