responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 276
لِقَاعِدَةِ مَخْرُوطِ الظِّلِّ حَصَلَ دَائِرَةٌ مَرْكَزُهَا فِي سَطْحِ الْبُرُوجِ وَفِي جُزْءٍ مِنْهَا يُقَابِلُ جُزْءَ الشَّمْسِ وَذَلِكَ الْمَرْكَزُ يَتَحَرَّكُ بِمِقْدَارِ حَرَكَةِ الشَّمْسِ فَإِنْ كَانَ الْقَمَرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ عَدِيمَ الْعَرْضِ وَقَعَ فِي دَائِرَةِ الظِّلِّ وَانْخَسَفَ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ ذَا عَرْضٍ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى صَفْحَتِهِ شَيْءٌ مِنْ دَائِرَةِ الظِّلِّ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خُسُوفٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ عَرْضُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ انْخَسَفَ مِنْهُ مَا وَقَعَ فِي دَائِرَةِ الظِّلِّ وَابْتِدَاءُ خُسُوفِ الْقَمَرِ وَانْجِلَاؤُهُ مِنْ الْمَشْرِقِ عَكْسُ الْكُسُوفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَمَرَ يَلْحَقُ ظِلَّ الْأَرْضِ لِكَوْنِهِ أَسْرَعَ مِنْ الظِّلِّ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَيَصِلُ طَرَفُهُ الشَّرْقِيُّ أَوَائِلَ الظِّلِّ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الطَّرَفُ فِي السَّوَادِ أَوَّلًا. وَيَكُونُ الْقَمَرُ يَلْحَقُ الظِّلَّ مِنْ الْمَغْرِبِ يَكُونُ مُرُورُ طَرَفِهِ الشَّرْقِيِّ بِالظِّلِّ أَوَّلًا فَكَمَا أَنَّ طَرَفَهُ الشَّرْقِيَّ يَصِلُ أَوَّلًا إلَى الظِّلِّ كَذَلِكَ هَذَا الطَّرَفُ يُجَاوِزُهُ أَوَّلًا فَيَبْتَدِئُ مِنْهُ الِانْجِلَاءُ كَمَا ابْتَدَأَ مِنْهُ الِانْخِسَافُ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ خُسُوفَ الْقَمَرِ أَمْرٌ عَارِضٌ لَهُ يَتَحَقَّقُ فِي ذَاتِهِ لَا بِالْقِيَاسِ إلَى الْإِبْصَارِ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا فِي أَوَاسِطِ الشَّهْرِ وَأَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بِحَسَبِ الرُّؤْيَةِ لَيْسَ فِي ذَاتِ الشَّمْسِ تَغَيُّرٌ أَصْلًا وَأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي زِيَادَةِ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ هِيَ أَنَّ الْكُسُوفَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْبَاهِرَةِ يُخَوِّفُ بِهَا عَبِيدَهُ، كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ فَنَاسَبَ زِيَادَةُ الرُّكُوعِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ دُونَ غَيْرِهَا إذْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهَا عَلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ «عَنْ عَلِيٍّ أَوَّلُ صَلَاةٍ رَكَعْنَا فِيهِ الْعَصْرُ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا هَذَا قَالَ: بِهَذَا أُمِرْت» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ الظُّهْرَ وَصَلَّى قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَكَوْنُ الصَّلَاةِ السَّابِقَةِ بِلَا رُكُوعٍ قَرِينَةً لِخُلُوِّ صَلَاةِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ مِنْهُ. اهـ.
وَفِيهِ مَا فِيهِ وَقَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِنَّهُ لَا رُكُوعَ فِي صَلَاةِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِذَا أَمَرَهُمْ بِالرُّكُوعِ مَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوعِ هُنَا مُطْلَقُ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ الْأَعَمِّ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْأَخَصِّ الَّذِي هُوَ السُّجُودُ وَأَفْرَدَ السُّجُودَ بِالذِّكْرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْقُرْبِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ إقَامَةُ الطَّاعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر: 9] وَبِالسُّجُودِ الصَّلَاةُ لِقَوْلِهِ {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] وَبِالرُّكُوعِ الْخُضُوعُ. فَإِذَا قُلْنَا بِمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَنَّ الرُّكُوعَ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَاسَبَ حِينَئِذٍ زِيَادَتُهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لِطَلَبِ رِضَاهُ تَعَالَى وَحَذَرًا مِنْ خَوْفِ سَطْوَتِهِ وَعِقَابِهِ وَكَانَ الرُّكُوعُ فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ التَّخْوِيفِ وَفِيهِ مِنْ الِامْتِنَانِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ نَاسَبَ حِينَئِذٍ زِيَادَتُهُ تَوَسُّلًا بِأَخَصِّ نِعَمِهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّوَسُّلَ بِأَخَصِّ النِّعَمِ لَهُ وَقْعٌ وَمَزِيدُ دَفْعٍ لِلْفِتَنِ وَالْمِحَنِ، هَذَا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهَا فَحِكْمَةُ زِيَادَتِهِ أَنَّهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَالْوَسِيلَةِ لِلسُّجُودِ. لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ خُضُوعٌ لَكِنَّهُ فِي السُّجُودِ أَعْظَمُ وَكَانَ كَالْمَقْصِدِ، وَالرُّكُوعُ كَالْوَسِيلَةِ لَهُ وَلِهَذَا فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِدَالِ حَتَّى تَتَمَيَّزَ الْوَسِيلَةُ عَنْ الْمَقْصِدِ وَإِذَا كَانَ الرُّكُوعُ كَالْوَسِيلَةِ فَنَاسَبَ اخْتِصَاصُهُ بِالزِّيَادَةِ إعْلَامًا أَمَا بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِكْثَارُ مِنْ الْوَسَائِلِ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْمَقَاصِدِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ وَسَائِلِ الْخَيْرِ لِلْوُصُولِ إلَى الْمَقَاصِدِ وَهِيَ دَفْعُ اللَّهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ الْمَخُوفَةِ لِعِبَادِهِ. وَأَيْضًا فَالرُّكُوعُ أَشَقُّ مِنْ السُّجُودِ وَكَانَ فِي تَكْرِيرِهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِكْثَارُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَإِلْزَامُ النَّفْسِ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهَا مِنْ فِعْلِهَا لِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِمَشَاقَّ كَثِيرَةٍ مِنْ الْخَيْرَاتِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ اتِّفَاقُ أَئِمَّتِنَا عَلَى أَنَّ الْأَكْمَلَ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست