responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 29
أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّبَنَ النَّجِسَ لَمَّا اسْتَحَالَ إنْفَحَةً صَارَ مِثْلَهَا فِي الطَّاهِرِيَّةِ فَكَذَا اللَّحْمُ الْمُغَلَّظُ لَمَّا اسْتَحَالَ غَائِطًا صَارَ مِثْلَهُ، وَبِهَذَا يُرَدُّ عَلَى ابْنِ الْعِمَادِ قَوْلُهُ لَوْ تَقَيَّأَ لَزِمَهُ إعَادَةُ تَسْبِيعِ فَمِهِ وَتَتْرِيبِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِحَالَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، إعْطَاءٌ لَهُ حُكْمَ مَا فِيهَا بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاتِهِ لَهَا فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اسْتِحَالَتِهِ وَعَدَمِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَنَجُّسِ مَا لَاقَاهَا وَمَا لَاقَتْهُ مِنْ نَجَاسَةٍ هِيَ أَغْلَظُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرِبَتْ شَاةٌ مَاءً مُتَنَجِّسًا بِمُغَلَّظٍ فَذُبِحَتْ فَوْرًا لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَاءُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَمِ وَالسَّبِيلَيْنِ حَيْثُ يَجِبُ تَسْبِيعُهُ دُونَهُمَا كَمَا مَرَّ وَإِنْ خَرَجَ الْمَأْكُولُ عَلَى هَيْئَتِهِ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُمَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَكَلَ نَجَسًا غَيْرَ مُغَلَّظٍ يُجْزِئُهُ الْحَجَرُ وَيَتَعَيَّنُ غَسْلُ الْفَمِ بِالْمَاءِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَاسْتِحَالَةِ الْكَلْبِ مِلْحًا فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى تَغْلِيظِهِ فِي حَالِ انْقِلَابِهِ إلَى الْمِلْحِ أَيْضًا بِأَنَّ مَحَلَّ النَّجَسِ وَرَدَ التَّخْفِيفُ فِيهِ رُخْصَةً فَعَمَّ ذَلِكَ التَّخْفِيفَ الْمُغَلَّظَ وَغَيْرَهُ بِعَدَمِ تَعَرُّضِ النُّصُوصِ فِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، بَلْ وَتَبِعَهُ التَّخْفِيفُ فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ عَذِرَةَ لَحْمِ الْمُغَلَّظِ الْخَارِجَةَ مِنْ أَكْلِهِ لَا تَسْبِيعَ عَلَى مُمَاسِّهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النَّصِّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ: (يَجِبُ التَّسْبِيعُ وَالتَّتْرِيبُ حَتَّى فِي الْفَرْجِ) فَضَعِيفٌ وَقَدْ بَيَّنْت مَا فِي كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مَسْأَلَةٍ صُورَتُهَا: سُئِلَ قَاضِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ بُرْهَانُ الدِّينِ إبْرَاهِيمُ بْنُ ظَهِيرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْأَمْعَاءِ مِنْ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَجِبُ غَسْلُهَا بَعْدَ إزَالَةِ الْفَرْثِ مِنْهَا أَمْ يُعْفَى عَنْهَا؟ وَهَلْ صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِذَلِكَ.
فَأَجَابَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ: يَجِبُ فِيهَا بَعْدَ إزَالَةِ الْفَرْثِ الْغُسْلُ وَلَا يُعْفَى عَمَّا هُنَاكَ مِنْ الْأَثَرِ؛ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِنْفَحَةِ اسْتِطْرَادًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ انْتَهَى جَوَابُهُ.
وَسُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّمْهُودِيُّ شَيْخُ الْحَرَمِ النَّبَوِيِّ عَمَّا إذَا رُئِيَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْغَسْلِ وَالنَّظَافَةِ وَطِيبِ الرَّائِحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هَلْ يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ غَسْلِهَا قَبْلَ الْأَكْلِ مِنْهَا أَمْ لَا؟ حَيْثُ رُئِيَ عَلَيْهَا مَا سَبَقَ.
فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ الظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ حَيْثُ شَاهَدَ نَظَافَةَ الْمَطْبُوخِ مِنْ ذَلِكَ وَطِيبَ رِيحِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا آثَارٌ دَالَّةٌ عَلَى تَقَدُّمِ الْغَسْلِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُجْتَازِينَ بِمَيِّتٍ فِي صَحْرَاءَ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْغُسْلِ وَالْكَفَنِ وَالْحَنُوطِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَدْفِنُونَهُ فَإِنْ انْتَفَى الْأَثَرُ الدَّالُّ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ الْغُسْلُ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى جَوَابُ السَّمْهُودِيِّ. فَعَلَى هَذَا إذَا وَجَدْنَا عَلَى ثَوْبٍ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَثَرَ الْغَسْلِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَلْ يَكْفِي عَنْ السُّؤَالِ عَنْ طَهَارَتِهِ كَالْأَمْعَاءِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا أَوْ لَا؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ.
(فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - أَمَّا مَا قَالَهُ الْمُجِيبُ الْأَوَّلُ مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَقَدْ ذَكَرْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ مَا يُوَافِقُهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ (وَأَفْتَى جَمْعٌ يَمَنِيُّونَ بِأَنَّ مَا يَبْقَى فِي نَحْوِ الْكَرِشِ مِمَّا يَشُقُّ غَسْلُهُ وَتَنْقِيَتُهُ مِنْهُ يُعْفَى عَنْهُ بَلْ بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ مَنْ عَلِمْت مِنْ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ جَوَازُ أَكْلِ الْمَصَارِينِ وَالْأَمْعَاءِ إذَا نُقِّيَتْ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ وَإِنْ لَمْ تُغْسَلْ بِخِلَافِ الْكَرِشِ) اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَنْقِيَةِ نَحْوِ الْكَرِشِ مِمَّا فِيهِ مَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ رِيحٌ يَعْسُرُ زَوَالُهُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ. وَمَا ذَكَرَهُ السَّمْهُودِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ، فَهُوَ مُتَّجِهٌ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِمْ وَغَيْرِهِمْ؛ لِلْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهَا لَا تُطْبَخُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهَا وَتَنْقِيَتِهَا، بَلْ وَمَزِيدِ الْمُبَالَغَةِ فِي نَظَافَتِهَا وَلَا يُقَاسُ بِهَا الثَّوْبُ إذَا عَلِمْنَا نَجَاسَتَهَا ثُمَّ رَأَيْنَاهَا مَغْسُولَةً مُطَيَّبَةً وَلَمْ نَدْرِ مَنْ غَسَلَهَا بَلْ نَحْكُمُ مَعَ ذَلِكَ بِبَقَائِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا إلَّا أَنَّ قِيَاسَ مَا قَالُوهُ فِي الْهِرَّةِ: أَنَّهُ إذَا غَابَتْ عَنَّا وَأَمْكَنَ تَطْهِيرُ فَمِهَا لَا تُنَجِّسُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ لَكِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَائِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الَّذِي عَمِلْنَاهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرِشِ بِأَنَّ ذَلِكَ سُومِحَ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ فِي السُّؤَالِ عَنْهُ وَلِاطِّرَادِ الْعَادَةِ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَ الْوَجْهُ عَدَمَ إلْحَاقِهِ بِالْكَرِشِ فِيمَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) أَيْضًا - أَدَامَ اللَّهُ وُجُودَهُ - سُؤَالًا صُورَتُهُ إذَا كَانَ مَوْضِعٌ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَثَلًا مُتَنَجِّسًا فَوَقَعَ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْمُتَنَجِّسِ مَاءٌ فَهَلْ يَطْهُرُ ذَلِكَ فَقَطْ أَمْ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ الْجَمِيعِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إذَا وَقَعَ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست