responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 33
جَمْعٌ بَيْنَ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُعْتَمَدُ طَهَارَةُ النَّبِيذِ بِالتَّخَلُّلِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْعُبَابِ.
(وَإِلَّا الْخَمْرَ وَكَذَا النَّبِيذُ فِي الْمُخْتَارِ مِنْ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْأَصْحَابِ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمُسْتَلْزِمَةِ طَهَارَتُهُمَا، إذْ النَّجِسُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا السَّلَمُ فِيهِ اتِّفَاقًا وَعَلَى الصِّحَّةِ تَارَةً وَالْبُطْلَانِ أُخْرَى فِي مَسْأَلَةِ الْخُلُولِ الْعَشَرَةِ الْآتِي بَيَانُهَا فِي بَابِ الرِّبَا. فَعُلِمَ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِطَهَارَةِ خَلِّ النَّبِيذِ بِالتَّخَلُّلِ، وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا لَا دَلِيلًا فَحَسْبُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَالسُّبْكِيِّ بِالْمُخْتَارِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا:
(وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَهُ فِي تَهْذِيبِهِ وَلَا فِي فَتَاوِيهِ إذَا أُلْقِيَ فِي الْعَصِيرِ مَاءٌ حَالَ الْعَصْرِ طَهُرَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ) وَسَبَقَهُ أَيْ الْبَغَوِيّ لِذَلِكَ شَيْخُهُ الْقَاضِي فَقَالَ لَوْ صُبَّ الْمَاءُ فِي الْعَصِيرِ وَاسْتَحَالَ لِلْخَلِّ فَهُوَ طَاهِرٌ اهـ. وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ ضَرُورَتِهِ أَنَّهُ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِقْصَاءِ عَصْرِهِ حَتَّى يَخْرُجَ جَمِيعُ مَا فِيهِ. إذْ لَوْ كُلِّفَ النَّاسُ الْإِعْرَاضَ عَمَّا بَقِيَ فِيهِ
لَشَقَّ
بِهِمْ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ مَالِيَّةٍ عَلَيْهِمْ؛ فَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِإِخْرَاجِ مَا بَقِيَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ ضَرُورَةِ عَصْرِهِ لِسُهُولَتِهِ بِدُونِهِ وَإِذَا تُسُومِحَ فِي هَذَا الْمَاءِ وَقِيلَ فِيهِ بِالْمُسَامَحَةِ كَمَا عَرَفْت فَأَوْلَى مَاءُ النَّبِيذِ لِتَوَقُّفِ الْعَصْرِ عَلَيْهِ وَبِمَا وَجَّهْت بِهِ كَلَامَهُ انْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الزَّرْكَشِيّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَوْ طُرِحَ عَصِيرٌ عَلَى خَلٍّ فَغَلَبَهُ الْعَصِيرُ وَانْغَمَرَ الْخَلُّ فِيهِ عِنْدَ الِاشْتِدَادِ فَانْقَلَبَ خَلًّا لَمْ يَطْهُرْ قَالَ فَإِذَا كَانَ لَا يَطْهُرُ بِخَلْطِ الْخَلِّ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَأَوْلَى لَا يَطْهُرُ فِي الْمَاءِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ لِأَنَّ خَلْطَ الْخَلِّ بِالْعَصِيرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَخَلْطَ الْمَاءِ بِهِ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ فَضْلًا عَنْ الِاحْتِيَاجِ فَكَيْفَ يُشْكَلُ هَذَا بِهَذَا؟ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ:
(لَا يَطْهُرُ النَّبِيذُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ) ضَعِيفٌ وَإِنْ حَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِخِلَافِهِ وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَعَجِيبٌ مِنْ السُّبْكِيّ حَيْثُ تَبِعَ الْبَغَوِيَّ عَلَى هَذَا هُنَا وَاعْتَرَضَهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْمَاءِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْمَاءِ لَعَلَّهُ سَهْوٌ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ قَاضٍ بِالْحَاجَةِ، بَلْ الضَّرُورَةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى خَلِّ النَّبِيذِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْمَاءِ فِي عَصْرِ مَا مِنْهُ النَّبِيذُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالنَّظَرُ إلَى ذَلِكَ تَأْبَاهُ جَلَالَتُهُ.
وَلَوْ حَصَرْنَا الْأَمْرَ فِي خَلِّ الْعِنَبِ
لَشَقَّ ذَلِكَ
عَلَى النَّاسِ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِخَلِّ غَيْرِهِ فَإِنْ قُلْت: مَا قَالُوهُ فِي السَّلَمِ وَالرِّبَا لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ التَّخَمُّرُ ثُمَّ التَّخَلُّلُ، وَكَلَامُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ قُلْت: وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ أَعْنِي التَّخَمُّرُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلٍ نَادِرٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الْعَصِيرَ لَا يَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ قَلِيلٌ فِعْلُهَا فَكَانَ التَّخَلُّلُ مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ نَادِرًا جِدًّا؛ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ بَلْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوَسُّطِ الشِّدَّةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ نَبِيذَ الرُّطَبِ يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا مَاءَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ كَالْأَصْحَابِ فِي الرِّبَا لَكِنْ مَنَعَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَقَالُوا لَا يَأْتِي إلَّا بِالْمَاءِ.
وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ نَوْعَانِ ثُمَّ رَأَيْت مَا وَجَّهْت بِهِ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ فِي الْمَاءِ مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ مَاءٌ فِي الْعَصِيرِ لَا لِحَاجَةٍ أَوْ لِاسْتِعْجَالِ التَّخَلُّلِ فَوَجْهَانِ، أَيْ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الطَّهَارَةِ فَإِنْ وَضَعَهُ لِحَاجَةٍ طَهُرَ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ: (لَوْ أُلْقِيَ الْمَاءُ حَالَ الْعَصْرِ طَهُرَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَصَلِ وَبِخِلَافِ إلْقَاءِ مَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِإِلْقَائِهِ حَالَ الْعَصْرِ مَا يُصَبُّ عَلَى الثُّفْلِ لِيُسْتَخْرَجَ بِهِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَلَاوَةِ وَبَقِيَّةِ مَاءِ الْعِنَبِ وَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ: إنَّهُمْ يَسْتَخْرِجُونَ حَلَاوَةَ الثُّفْلِ بِصَبِّ الْمَاءِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُصَبُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَصِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْعَصِيرِ مِنْ الْمَاءِ تَكْثِيرًا لَهُ وَمَا يُوضَعُ فِيهِ مِنْ السُّكَّرِ وَنَحْوِهِ تَكْثِيرًا لِلْحَلَاوَةِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَطْهُرُ اهـ.
وَتَنْزِيلُهُ الضَّرُورَةَ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيِّ عَلَى الْحَاجَةِ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْته، وَمَا ذُكِرَ فِي إلْقَاءِ الْمَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَاضِحٌ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَضْلًا عَنْ الضَّرُورَةِ، وَبِهِ يُرَدُّ مَا ذَكَرَهُ فِي وَضْعِهِ عَلَى الْعَصِيرِ تَكْثِيرًا لَهُ لَكِنْ سَبَقَهُ لِنَحْوِ ذَلِكَ الْقَاضِي فَقَالَ: لَا يَضُرُّ صَبُّ الْمَاءِ فِي الْعَصِيرِ اسْتِعْجَالًا لِلنَّحْلِ وَلَا صَبُّ الْمَاءِ فِي الْعَصِيرِ حَالَ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست