responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 48
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُدَرِّسِينَ وَفَعَلَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: الِاسْتِتَارُ أَدَبٌ وَيَحْصُلُ وَلَوْ بِإِرْخَاءِ الذَّيْلِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ لِتَنَجُّسِ مَاءِ الْبُيُوتِ بِمَا تُلْقِيه الْفِئْرَانُ فِي حِيضَانِهَا مَعَ قِلَّةِ مَائِهَا، وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ مِنْ النَّاسِ النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ الْمُسْتَنْجِي كَاشِفًا لِعَوْرَتِهِ بَلْ كُلُّهُمْ يَغُضُّونَ عَنْهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَالْحُرْمَةُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَيْهِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ اُبْسُطُوهُ مَعَ دَلِيلِهِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ يَحْرُمُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ جَوَازِ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ، وَعِبَارَتُهُ: (يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فِي الْخَلْوَةِ، وَذَلِكَ كَحَالَةِ الِاغْتِسَالِ وَحَالَةِ الْبَوْلِ وَحَالِ مُبَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ فِيهِ التَّكَشُّفُ فِي الْخَلْوَةِ، وَأَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ اهـ.
فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ - تَجِدْهُ صَرِيحًا فِي الْمُدَّعِي، وَأَبْلُغَ رَادٍّ عَلَى مَنْ زَعَمَ إبَاحَةَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ تَحْرِيمَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَوُجُوبَ سَتْرِهَا وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْكَشْفَ فِي الْخَلْوَةِ لِحَاجَةٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، فَنَتَجَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَلَا يُقَالُ أَنَّهُ مِنْ تَفَرُّدَاتِهِ، وَأَمَّا عَدُّهُمْ السَّتْرَ مِنْ الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ، فَمُرَادُهُمْ بِهِ السَّتْرُ فِي الْخَلْوَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَالْأَصْحَابِ، فَإِذَا قَضَى الْحَاجَةَ خَالِيًا بِالصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا سُنَّ لَهُ السَّتْرُ بِشَرْطِهِ مِنْ الِارْتِفَاعِ وَالْقُرْبِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَكْفِي فِيهِ إرْخَاءُ الذَّيْلِ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُرَادُهُمْ تَعْلِيلُهُمْ النَّدْبَ بِقَوْلِهِمْ؛ لِئَلَّا يَمُرَّ بِهِ أَحَدٌ فَيَرَى عَوْرَتَهُ.
أَمَّا مَنْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي نَحْوِ الصَّحْرَاءِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَدَبَانِ الْإِبْعَادِ وَالِاسْتِتَارِ بِجُمْلَتِهِ عَنْ الْأَعْيُنِ وَاِتِّخَاذِ السُّتْرَةِ إذَا صَارَ مُسْتَتِرًا عَنْ الْأَعْيُنِ؛ لِئَلَّا يَمُرَّ بِهِ أَحَدٌ فَيَرَى عَوْرَتَهُ، وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ «أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبَ رَمْلٍ - فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ» .
وَأَدَبُ السَّتْرِ فِي حَقِّ قَاضِي الْحَاجَةِ فِي الْبُنْيَانِ أَنْ يَسْتَتِرَ بِجُمْلَتِهِ فِي بِنَاءٍ مُسَقَّفٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ مِنْ الْوُجُوبِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي الظُّهُورِ بِحَيْثُ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ سِوَاهُ؛ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاسْتِطَابَةِ؛ اكْتِفَاءً بِإِطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَنَقْلَهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهَا، وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ حُصُولَ الْفَرْضِ مِنْ السَّتْرِ بِإِرْخَاءِ الذَّيْلِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ أَدَبًا بَلْ هُوَ مِمَّا يَتَأَدَّى بِهِ وَاجِبُ السَّتْرِ فَلَا يُؤَيِّدُ زَعْمَ مَنْ ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ، وَزَعْمُهُ الِاحْتِيَاجَ لِذَلِكَ بِمَا ذَكَرَ بَاطِلٌ فَإِنَّ الزَّرْكَشِيّ صَرَّحَ بِأَنَّ مَا تُلْقِيه الْفِئْرَانُ فِي حِيَاضِ الْبُيُوتِ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ مِنْ الْغَائِطِ يُعْفَى عَنْهُ، أَيْ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ قُلْت هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَحَقَّقَ إلْقَاءُ الْفِئْرَانِ لَهُ.
قُلْت: هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ خِلَافِهِ؛ لِبُعْدِ صُدُورِ ذَلِكَ مِنْ عَاقِلٍ، وَزَعْمُهُ أَنَّهُ يَبْعُدُ مِنْ النَّاسِ النَّظَرُ إلَيْهِ زَعْمٌ بَاطِلٌ أَيْضًا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَثِقُ مِنْهُ بِعَدَمِ النَّظَرِ إلَيْهِ - جَازَ التَّكَشُّفُ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَنَحْوِهِ بِحَضْرَتِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَزَعْمُهُ أَنَّهُ إذَا كَشَفَ عَوْرَتَهُ كَانَتْ الْحُرْمَةُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَيْهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، بَلْ الْحُرْمَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ فِي الْحَرَامِ وَمُعِينٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ لَا يُوجَدُ فِي حِيضَانِ الْبُيُوتِ مَاءٌ وَيَضِيقُ الْوَقْتُ أَوْ يَخْشَى فَوَاتَ الْجُمُعَةِ لَوْ لَمْ يَسْتَنْجِ إلَّا مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ حِينَئِذٍ الِاسْتِنْجَاءُ مَعَ كَشْفِهَا لِلضَّرُورَةِ قُلْت: يُحْتَمَلُ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ مَاءٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَلَا حَجَرٌ يُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِلضَّرُورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ، فَإِنْ قُلْت: هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ هَلْ هُمَا فِي الْجَوَازِ أَوْ الْوُجُوبِ؟ قُلْت: يُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالْجَوَازِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ كَشْفَ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ مَشَقَّةٌ وَخَرْمُ مُرُوءَةٍ لَا يُطَاقُ تَحَمُّلُهَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ أَوْ مَرْتَبَةٌ تَأْبَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُهُمَا فِي الْوُجُوبِ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا كَشْفٌ لِضَرُورَةٍ، وَمَعَ الضَّرُورَةِ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ الْآنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ لِمَا ذَكَرَتْهُ، وَأَنَّ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست