responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 54
وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِمَا لَفْظُهُ مَا مُحَصِّلُ الْخِلَافِ فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؟ وَمَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ لِذَلِكَ فَوَائِدَ فَهَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ كُلُّهَا؟ وَاخْتَلَفَ تَعْبِيرُهُمْ فِي حِكَايَةِ الْأَوْجَهِ فِي مُوجِبِ ذَلِكَ فَمَا التَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ لِلْمُحَصِّلِينَ.
(فَأَجَابَ) - شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهُ - بِقَوْلِهِ: الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ يَسْتَدْعِي مَزِيدَ بَسْطٍ وَطُولٍ، وَمِنْ ثَمَّ صَنَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ.
وَحَاصِلُ التَّحْقِيقِ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ أَوْجُهًا: الْأَوَّلُ: وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا مَا لَمْ يَدْخُلْ الْوَقْتُ وَيَبْقَى مَا يَسَعُهُ، وَيَسَعُ الصَّلَاةَ فَقَطْ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ لَوْلَاهُ لَمْ يَجِبْ، وَالدَّوَرَانُ دَلِيلُ الْعِلِّيَّةِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُوجِبًا مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ بِتَأْخِيرِ الْوُضُوءِ عَنْهُ إجْمَاعًا وَعَدَمِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْعِصْيَانِ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ يَنْعَقِدُ بِهِ كَمَا يُقَالُ: (تَجِبُ الزَّكَاةُ بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ) بِمَعْنَى انْعِقَادِ الْوُجُوبِ مَعَ تَوَقُّفِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهَا عَلَى التَّمَكُّنِ أَوْ أَنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ أَوْ لِوُجُوبِ تَرْكِ نَحْوِ صَلَاةِ النَّفْلِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ، فَهُوَ سَبَبُ وُجُوبِ وَاجِبٍ مُخَيَّرٍ قَبْلَ الْوَقْتِ وَمُعَيَّنٍ بَعْدَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: السَّبَبِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْجَعْلِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا قُلْنَا: قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» مُقْتَضٍ لِكَوْنِ الْحَدَثِ سَبَبًا إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَبَنَى الرَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صِحَّةَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْخَبَثُ مُوجِبًا لِلطُّهْرِ كَالْحَدَثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّ طَهَارَتَهُ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ، وَطَهَارَةَ الْحَدَثِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُوجِبِ لِهَذِهِ لَا تِلْكَ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مُوجِبَهُ دُخُولُ الْوَقْتِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِإِرَادَةِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ أَيْ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقِّقُ لِلْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَهُوَ أَوْفَقُ لِدَلِيلِ هَذَا الْوَجْهِ.
وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْإِرَادَةِ أَوْ دُخُولِ الْوَقْتِ مُوجِبًا أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْمُوجِبِ، وَهُوَ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ إذْ وُجُوبُهَا مُوجِبٌ لِلْوُضُوءِ فَالْمُحَقِّقُ لِهَذَا الْوُجُوبِ هُوَ الْوَقْتُ أَوْ الْإِرَادَةُ فَأَحَدُهُمَا سَبَبٌ لِلسَّبَبِ هَذَا عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ بِمَا مَرَّ، وَأَمَّا مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِنَفْسِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ إلَيْهَا مُوجِبٌ بِذَاتِهِ لَا سَبَبٌ لِلْمُوجِبِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تُسْتَشْكَلُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَأَجَابَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، بَلْ نِيَّةُ الطُّهْرِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ.
وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ النَّفْلِ فَرْضًا لَا يُبْطِلُهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْجَاهِلِ لَا الْمُعْتَقِدِ لِلنَّفْلِيَّةِ إذَا نَوَى بِالنَّفْلِ مَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْفَرْضُ صُورَةً أَوْ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَمَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ نَفْلًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْفَرْضِيَّةِ بَلْ لَوْ نَوَاهَا بَطَلَتْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ نَوَى بِالْأَدَاءِ الْقَضَاءَ وَهُوَ عَكْسُهُ مُرِيدًا لِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُوجِبَ الْحَدَثُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِشَرْطِ الْآخَرِ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ عَبَّرَ بِكُلٍّ مُعَبِّرُونَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ جُزْءٍ عِلَّةً أَوْ أَحَدُهُمَا عِلَّةً وَالْآخَرُ شَرْطًا فِيهَا.
وَجَعْلُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَيْنِ وَجْهَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ هُنَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ أَيْضًا، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي مُوجِبِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ هَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ، وَالصَّحِيحُ فِيهِ هُوَ الثَّالِثُ أَيْضًا، وَإِنْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ تَبْيِينُ عِلَّةِ الْحُكْمِ فَمِنْ ذَلِكَ: نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَأْوِيلٍ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا إذَا أَحْدَثَ ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ ثُمَّ مَاتَ.
وَقُلْنَا: يَعْصِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ عِصْيَانُهُ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ حِينِ الْحَدَثِ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ مَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ عِصْيَانِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَمِنْهَا وَصْفُهُ بِالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ، فَيُوصَفُ بِهِمَا عَلَى الثَّانِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ حِينَئِذٍ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا أَيْ، وَالثَّالِثُ يَكُونُ وَقْتُهُ مَحْدُودَ الطَّرَفَيْنِ، وَفَائِدَةُ اتِّصَافِهِ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وُجُوبُ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي النِّيَّةِ أَوَّلًا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَهَلْ يَلْحَقُ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست