responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 241
فَالشَّرْطُ قَيْدٌ بِالْقَضِيَّةِ وَجْهُهُ فِيهَا وَلَيْسَ جُمْلَةُ الْجَزَاءِ بِكَمَالِهَا مَحْكُومًا بِهَا عَلَى جُمْلَةِ الشَّرْطِ. وَمَقْصُودِي بِهَذَا الْكَلَامِ يَظْهَرُ عِنْدَ دُخُولِ " كَانَ " عَلَيْهَا نَعَمْ تَارَةً يَكُونُ الْحَاضِرُ فِي الذِّهْنِ الْجَزَاءَ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارَ بِتَقْيِيدِهِ كَأَنَّك تُرِيدُ بِأَنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو مَعْنَى قَوْلِك قِيَامُ عَمْرٍو يُوجَدُ عِنْدَ قِيَامِ زَيْدٍ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا أَرَدْت حَلَّهُ مَحَلَّهُ إلَى ذَلِكَ، وَتَارَةً يَكُونُ الْحَاضِرُ فِي الذِّهْنِ الشَّرْطَ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بَيَانَ حُكْمِهِ فَيَنْحَلُّ إلَى قَوْلِهِ قِيَامُ زَيْدٍ يُوجَدُ عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَهُ قِيَامُ عَمْرٍو، وَإِنَّمَا قُلْت يُوجَدُ وَلَمْ أَقُلْ مُسْتَلْزِمٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَقْسَامِ الشَّرْطِ وَأَنَّ الشَّرْطَ وَالْمَشْرُوطَ قَدْ يَكُونُ الرَّبْطُ بَيْنَهُمَا لُزُومِيًّا كَبَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ يَكُونُ اتِّفَاقِيًّا كَقَوْلِك إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَكْرَمْتُك، هَذَا كُلُّهُ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ إذَا لَمْ تُجْعَلْ خَبَرًا لِشَيْءٍ بَلْ جَاءَتْ مُسْتَعْمَلَةً ابْتِدَاءً.

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيهَا) إذَا وَقَعَتْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ وَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا كَانَ كَقَوْلِك: زَيْدٌ إنْ قَامَ قُمْت فَقَدْ صَارَ الشَّرْطُ وَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ كُلُّهُ حُرُّ كَلَامٍ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ زَيْدٌ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ هُوَ الْكَلَامُ الْمَقْصُودُ هُنَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْمُبْتَدَأِ إلَّا أَنَّهُ قَصَدَ الِاهْتِمَامَ بِذِكْرِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ الْحَاضِرُ فِي الذِّهْنِ دُونَ مَا سِوَاهُ أَوْ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ وَقَصَدَ بَيَانَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رَبْطِ قِيَامِك بِقِيَامِهِ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ دُخُولِ الْمُبْتَدَأِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قُصِدَ هُنَاكَ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْقِيَامِ عِنْدَ الْقِيَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ وَكَأَنَّك قُلْت: زَيْدٌ أَنَا قَائِمٌ عِنْدَ قِيَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ إلَّا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاهْتِمَامِ.
الْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارَ عَنْ صِفَةِ زَيْدٍ وَحَالِهِ كَقَوْلِك: الشُّجَاعُ إنْ قَاتَلَ كَرَّ وَالْجَبَانُ إنْ قَاتَلَ فَرَّ وَالْكَرِيمُ إنْ سُئِلَ جَادَ وَالْبَخِيلُ إنْ سُئِلَ حَادَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ إلَّا بَيَانُ صِفَةِ الْمُبْتَدَأِ وَتَعْرِيفِهِ لَا حُصُولُ الْفِعْلِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْجَزَاءِ وَلَا عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ وَإِنْ دَلَّ بِوَضْعِهِ عَلَى وُجُودِ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَحِيحٌ مَعَ عَدَمِهِمَا، وَصَارَتْ جُمْلَتَا الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي هَذَا الْمِثَالِ كَالْمُفْرَدِ كَأَنَّك قُلْت: الشُّجَاعُ هُوَ الْكَارُّ وَالْجَبَانُ هُوَ الْفَارُّ.
وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20] {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ عَنْ صِفَتِهِ بِالْهَلَعِ الْمُفَسَّرِ بِالْجَزَعِ عِنْدَ الشَّرِّ وَالْمَنْعِ عِنْدَ الْخَيْرِ سَوَاءٌ وَقَعَا أَوْ لَمْ يَقَعَا. إذَا عَرَفْت هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ عَرَفْت انْقِسَامَ الشَّرْطِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ شَرْطِهَا أَوْ جَوَابِهَا وَهُوَ مَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارَ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ مَقْصُودًا فَيَقْتَضِي وُقُوعَهُ وَلَا يَقْتَضِي إثْبَاتَ صِفَةٍ لِلْمُبْتَدَأِ الْآنَ بَلْ إنَّمَا أَتَى لِلتَّوَصُّلِ إلَى الْإِخْبَارِ بِالْفِعْلِ الَّذِي

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست