responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 243
اسْتَقَرَّ أَمْسِ مَعْنَى (زَيْدٌ قَائِمٌ) .
وَلَمْ أَقُلْ اسْتَقَرَّ أَمْسِ أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ الْآنَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ بَلْ الْمُرَادُ اسْتَقَرَّ أَمْسِ أَنَّهُ قَائِمٌ أَمْسِ فَعَدَلَ إلَى قَوْلِهِ مَعْنَى (زَيْدٌ قَائِمٌ) لِأَنَّهُ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ وَهُوَ نِسْبَةُ الْقِيَامِ الثَّابِتِ إلَى زَيْدٍ وَأَيْضًا فَفِي هَذَا أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ نَقْلًا يَشْهَدُ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْمُعْتَضَدُ بِالنَّقْلِ أَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ هُوَ كَانَ مَعَ الْخَبَرِ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ هُوَ الِاسْمُ كَأَنَّك قُلْت زَيْدٌ كَانَ قَائِمًا وَهُوَ الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ النُّحَاةِ.
فَإِنَّ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: إنَّ خَبَرَهَا انْتَصَبَ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْمَفْعُولِ وَالْفَرَّاءُ يَقُولُ: انْتَصَبَ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْحَالِ فَالْكَلَامَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ كَالْقِصْلَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ أَقُلْ إنَّهُ الْمُخْبَرُ بِهِ بَلْ الْمُخْبَرُ بِهِ كَانَ فَمَعْنَى قَوْلِنَا كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا الْإِخْبَارُ عَنْ زَيْدٍ بِأَنَّهُ مَضَى كَوْنُهُ قَائِمًا وَهُوَ مَضْمُونُ قَوْلِنَا زَيْدٌ قَائِمٌ إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ كَانَ حَالٌ وَبَعْدَ دُخُولِهَا مَاضٍ وَالْإِخْبَارُ بِذَلِكَ الْآنَ وَالْمُخْبَرُ بِهِ هُوَ الْمَاضِي، وَيَحْتَمِلُ احْتِمَالًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ قِيَامَ زَيْدٍ هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ وَكَانَ هُوَ الْمُخْبَرُ بِهِ كَأَنَّك قُلْت: قِيَامُ زَيْدٍ مَضَى؛ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى قَوِيٌّ جِدًّا وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ تَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَخَاك قَائِمًا أَرَدْت أَنْ تُخْبِرَ عَنْ الْأُخُوَّةِ وَلَقَدْ أَقَمْتُ بُرْهَةً أَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ هَذَا وَأَقُولُ كَيْفَ جَعَلَ الْأُخُوَّةَ مُخْبَرًا عَنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُخْبَرٌ بِهَا حَتَّى وَقَفْت عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَازْدَدْت بَصِيرَةً بِكَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَيَحِقُّ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْكَلَامُ الْمُحَرَّرُ وَهَكَذَا يَنْبَغِي إذَا وَرَدَ كَلَامٌ مِنْ إمَامٍ نَتَأَمَّلُ وَنَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ تَحْتَهُ مِنْ حِكْمَةٍ، وَلَا يَنْفِي هَذَا مَا قَالَهُ مَنْ يُشَبِّهُهُ بِالْمَنْعُوتِ وَمَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ مِنْ تَشَبُّهِهِ بِالْحَالِ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ وَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَقَدْ بَانَ مَعْنَى كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَائِمٌ مَثَلًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَمَانٍ وَهُوَ زَمَانٌ فَكَأَنَّك قُلْت مَعْنًى قِيَامُ زَيْدٍ وَلَيْسَ بَاقٍ عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَالِ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْنَى مَضَى أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ الْآنَ لِمَا سَبَقَ فَلَا تَتَوَهَّمُ ذَلِكَ وَكَذَا لَا تَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَعْنَى جَعَلَ زَمَان كَانَ كَالْمَنْطُوقِ فِيهِ بِزَيْدٍ قَائِمٍ وَأَنَّ هَذَا مَعْنَى الْمُضِيِّ فِيهِ.
وَهَذَا تَوَهُّمٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ النُّطْقَ حَاصِلٌ الْآنَ لَا قَبْلَهُ، وَكَذَا الْكَلَامُ وَالْإِخْبَارُ وَنَحْوُهُ وَإِنَّمَا الْمَاضِي الْمُخْبَرُ بِهِ وَهُوَ فَائِدَةُ الْخَبَرِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَقَدْ تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِنَا كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا وَانْحَلَّتْ الْوَقْفَةُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا. هَذِهِ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ " كَانَ " مَقْصُودُنَا التَّدَرُّجُ بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا إلَى الْمَقْصُودِ.
(الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) كَانَ زَيْدٌ يَقُومُ فَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ قَبْلَ دُخُولِ كَانَ إمَّا حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الِاسْتِقْبَالِ أَوْ مُشْتَرَكٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِ كَانَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ يَكُونُ الْمَعْنَى الْإِخْبَارَ بِمُقَارَنَةِ حُدُوثِ الْقِيَامِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست