responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 271
بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَائِزٌ وَالْمَنْعُ مِنْهُ بَعِيدٌ شَاذٌّ غَرِيبٌ فِي الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَا دَلِيلَ يُعَضِّدُهُ، وَأَمَّا سِتْرُهَا بِالْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الشَّامِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَأَيُّ قِيَاسٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْصُوصٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَنُصَّ الشَّرْعُ عَلَى شَيْءٍ يُقَاسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّامِيِّ الْمَذْكُورُ إنَّمَا تَرَكْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَيَكْفِي ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْسُوهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَذَلِكَ مِنْ عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ كُسْوَتِهَا لِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا إلَى وَاجِبٍ.
وَلْيُتَنَبَّهْ هُنَا لِفَائِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْكَعْبَةَ بَنَاهَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَلَمْ تَكُنْ تُكْسَى مِنْ زَمَانِهِ إلَى زَمَانِ تُبَّعٍ الْيَمَانِيِّ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: إنَّ إسْمَاعِيلَ كَسَاهَا فَفِي تِلْكَ الْمُدَدِ لَا نَقُولُ إنَّ كُسْوَتَهَا كَانَتْ وَاجِبَةً لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمَا تَرَكَ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَلَكِنْ لَمَّا كَسَاهَا تُبَّعٌ وَكَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ كَانَ شِعَارًا لَهَا وَصَارَ حَقًّا لَهَا وَقُرْبَةً وَوَاجِبًا لِئَلَّا يَكُونَ فِي إزَالَتِهِ تَنْقِيصٌ مِنْ حُرْمَتِهَا فَيُقَاسُ عَلَيْهِ إزَالَةُ مَا فِيهَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ مِنْ صَفَائِحِ الذَّهَبِ وَالرُّخَامِ وَنَحْوِهِ وَنَقُولُ: إنَّهُ تَحْرُمُ إزَالَتُهُ وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ غَيْرَ وَاجِبٍ وَاسْتِدَامَتُهُ وَاجِبَةً وَمُرَادِي وُجُوبُ سِتْرِهَا دَائِمًا لِإِبْقَاءِ كُلِّ سُتْرَةٍ دَائِمًا، وَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّتْرَةَ الَّتِي تُكْسَاهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ تَصِيرُ مُسْتَحِقَّةً لَهَا بِكُسْوَتِهَا فَلَا يَجُوزُ نَزْعُهَا لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى تَأْتِيَ كُسْوَةٌ أُخْرَى فَتِلْكَ الْكُسْوَةُ الْقَدِيمَةُ مَا يَكُونُ حُكْمُهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبْدَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا وَلَا نَقْلُهَا وَلَا وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بَيْنَ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ وَمَنْ حَمَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ خِلَافُ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْعَامَّةُ وَيَشْتَرُونَهُ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاصِّ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ.
وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْأَمْرُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَى الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَنْزِعُ كُسْوَةَ الْبَيْتِ كُلَّ سَنَةٍ فَيُوَزِّعُهَا عَلَى الْحَاجِّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالَا: تُبَاعُ كُسْوَتُهَا وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ لَا بَأْسَ أَنْ يُلْبَسَ كُسْوَتُهَا مَنْ صَارَ إلَيْهِ مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ وَغَيْرِهِمَا. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُزَالَ عَنْ الْوَقْفِ وَتَبْقَى، وَإِنَّمَا.

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست