responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 373
عَلَى مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لِلثَّانِي أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ، فَلَوْ لَمْ يَرَ الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ لَازِمٌ لَمَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فَسَمَاعُهُ الْبَيِّنَةَ وَحُكْمُهُ بِهَا تَصْحِيحٌ لِلْحُكْمِ، وَقَطْعٌ لِلنِّزَاعِ فِيهِ.
(السَّابِعُ) لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ، وَصِحَّةِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ فِي الْبَلَدِ فَتَنْفِيذُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمًا؛ لِأَنَّ التَّنْفِيذَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحُكْمِ.
(الثَّامِنُ) أَنَّ لَنَا وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ، أَوْ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَأَبُو إِسْحَاقَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَأَبُو عَلِيٍّ وَالْإِمَامُ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ وَالرَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَبَنَوْا عَلَيْهِمَا رُجُوعَ الْحَاكِمِ، وَتَغْرِيمَ الشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ، فَإِذَا حُمِلَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ عَلَى الثُّبُوتِ كَانَ فِي كَوْنِهِ حُكْمًا هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَكَيْفَ يُصَوِّبُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَالتَّصْوِيبُ يُشْعِرُ بِالْقَطْعِ، وَفِي أَوَّلِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يُشْعِرُ بِقُرْبِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ حُكْمٌ فَمَعْنَاهُ حُكْمٌ بِمَا ثَبَتَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الثَّابِتَ لَا يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِمُقْتَضَاهُ، فَإِذَا صَرَّحَ بِالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، أَوْ قَالَ ثَبَتَ، وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ يَجْرِي فِيهِ خِلَافٌ ثُمَّ إذَا تَبَيَّنَ لَنَا، وَقُلْنَا: إنَّ ذَلِكَ ثُبُوتٌ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ حُكْمٌ أَمْ لَا، فَإِذَا نَفَّذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ كَانَ تَنْفِيذُهُ فِي مَحَلِّ اجْتِهَادٍ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ، وَيَصِيرُ تَنْفِيذُهُ الثَّانِيَ لَازِمًا، هَذَا عِنْدَنَا، فَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَالثُّبُوتُ حُكْمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَقَالَ: إنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَوْلٌ شَاذٌّ بَلْ مُجَرَّدُ التَّقْرِيرِ إذَا رُفِعَتْ قِصَّةٌ إلَى حَاكِمٍ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا بِشَيْءٍ بَلْ سَكَتَ عَنْهَا حُكْمٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ بِحُكْمٍ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَاشْتُهِرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ أَمَّا الْحَاكِمُ الثَّانِي إذَا قَالَ: إنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا صَدَرَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَلْزَمَ مُقْتَضَاهُ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِلُزُومِ مَا ثَبَتَ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَهُوَ حُكْمٌ لَا يَتَّجِهُ فِيهِ الْخِلَافُ.
(التَّاسِعُ) أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي كِتَابَةِ السِّجِلِّ: وَيَكْتُبُ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارٍ وَشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَيُثْبِتُ عَدَالَتَهُمَا، أَوْ بِيَمِينِهِ بَعْدَ النُّكُولِ، وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِسُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: ثَبَتَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ. هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِمَا فِي الْكِتَابِ حُكْمٌ صَحِيحٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ أَصْرَحُ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا زَادَ فِي لَفْظِهِ الثُّبُوتَ فَخِلَافُ مَسْأَلَةِ أَبِي سَعْدٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الثُّبُوتُ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ كَانَ حُكْمًا صَحِيحًا، وَإِلَّا تَنَاقَضَ الْكَلَامُ.

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست