responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 379
وَمُقْتَضَاهُ انْتِقَالُهُ وَثُبُوتُ أَحْكَامِهِ لَكِنَّ الشَّارِعَ أَبْطَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ فَلَا مُوجَبَ لَهُ شَرْعًا، وَالْقَاضِي إذَا حَكَمَ فَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِذَا قَالَ: حَكَمْت بِالْمُوجَبِ عَلِمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا يَعْنِي الْمُوجَبَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي هُوَ نَتِيجَةُ التَّصَرُّفِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ قُلْت: الْمُوجَبُ الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ الصِّحَّةِ، وَالْفَسَادِ.
قُلْت قَدْ رَأَيْت بَعْضَهُمْ يَقُولُ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إنْ كَانَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ يَرَى الصِّحَّةَ يَكُونُ حُكْمًا بِالصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ مُوجَبَ اللَّفْظِ الْفَاسِدِ وَلَا الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ تَرَتُّبُ الْأَثَرِ وَالْفَسَادُ عَدَمُهُ فَالْفَاسِدُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ لَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ، وَمُوجَبُ الْعَقْدِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ شَرْعًا، أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ بِهِ يَرَى الصِّحَّةَ فَهُوَ حُكْمٌ بِالصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا لَمْ يَرَ بِالصِّحَّةِ كَيْفَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمُوجَبِ فَإِنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ الْفَسَادَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِالْفَسَادِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، وَإِنْ شَكَّ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ» .
فَإِذَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَضَى بِالْحَقِّ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَكَيْفَ بِمَنْ قَضَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِشَيْءٍ لَا يَدْرِي مَا هُوَ. وَالْآخَرُ: أَنَّ ذَلِكَ تَلْبِيسٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَخِدَاعٌ فِي الدِّينِ، وَالْحُكْمُ لَا يَكُونُ إلَّا مُثْبِتًا فَحَمْلُ الْمُوجَبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ يَقْتَضِي إسَاءَةَ الظَّنِّ بِالْحَاكِمِ وَنِسْبَتَهُ إلَى الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الدِّينِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ حَاكِمًا.
فَإِنْ قُلْت: سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُوجَبَ غَيْرُ الْفَسَادِ وَهُوَ غَيْرُ الصِّحَّةِ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مُسَمَّى الْمُوجَبِ أَعَمُّ مِنْ الْمُوجَبِ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ الْخَاصِّ الْمَحْكُومِ فِيهِ فَإِنَّ مَعْنَى الْمُوجَبِ مَا يُوجِبُ اللَّفْظَ، وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي مَهْمَا كَانَ مُقْتَضَى هَذَا اللَّفْظِ فَقَدْ حَكَمْت بِهِ فَلَا يُتَخَيَّلُ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّا إنْ أَخَذْنَا اللَّفْظَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُسَمَّى كَانَ مَعْنَاهُ ذَلِكَ وَلَزِمَ الْإِبْهَامُ، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُوجَبِ الْخَاصِّ كَانَ مَجَازًا، أَوْ مُحْتَاجًا إلَى الْقَرِينَةِ، وَهَذَا فِي الْمُجْمَعِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ أَنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَنَّ لَهُ مُوجَبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لَا مُوجَبَ لَهُ وَيَجِبُ اعْتِقَادُ فَسَادِ الْحُكْمِ بِهِ إذْ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ وَلَا مُوجِبَ مُحَالٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ. فَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ إمَّا فَاسِدٌ لِعَدَمِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَإِمَّا فَاسِدٌ لِإِبْهَامِهِ.
قُلْت: أَمَّا اعْتِقَادُ فَسَادِ الْحُكْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ فَصَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا جَمِيعًا كَذَلِكَ وَكُلُّ مُخَالِفٍ يَعْتَقِدُ فَسَادَ حُكْمِ مُخَالِفِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُنْقَضُ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِفَسَادِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ مِنْ الْإِبْهَامِ مُنْدَفِعٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ الْمُوجَبِ مَعْلُومٌ وَبِإِضَافَتِهِ إلَى ذَلِكَ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست