نام کتاب : الحسنة والسيئة نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 34
وتارة لا يقدحون في الأصل، لكن يقدحون في القضية المعينة، فيقولون: هذا بسوء تدبير الرسول، كما قال عبد الله بن أُبَيّ بن سلول يوم أُحُد إذ كان رأيه مع رأى النبي صلى الله عليه وسلم ألاّ يخرجوا من المدينة فسأله صلى الله عليه وسلم ناس ممن كان لهم رغبة في الجهاد أن يخرج، فوافقهم، ودخل بيته ولبس لأمَتَه فلما لبس لأمته ندموا، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت أعلم، فإن شئت ألاّ نخرج، فلا نخرج فقال:" ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن ينزعها، حتى يحكم الله بينه وبين عدوه " [واللأمة: الدرع، وقيل: السلاح. ولأمة الحرب: أداته] يعنى: أن الجهاد يلزم بالشروع، كما يلزم الحج، لا يجوز ترك ما شرع فيه منه إلا عند العجز بالإحصار في الحج.
فصل
والمفسرون ذكروا في قوله: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ} [النساء: 78] هذا وهذا.
فعن ابن عباس، والسدي، وغيرهما: أنهم يقولون هذا تشاؤماً بدينه.
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: بسوء تدبيرك يعنى كما قاله عبد الله بن أبى وغيره يوم أحد وهم كالذين {قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: 168] .
فبكل حال قولهم: {مِنْ عِندِكَ} هو طعن فيما أمر الله به ورسوله من الإيمان والجهاد، وجعل ذلك هو الموجب للمصائب التي تصيب المؤمنين المطيعين، كما أصابتهم يوم أحد. وتارة تصيب عدوهم، فيقول الكافرون: هذا بشؤم هؤلاء، كما قال أصحاب القرية للمرسلين: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: 18] ، وكما قال تعالى عن آل فرعون: {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ
نام کتاب : الحسنة والسيئة نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 34