responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسنة والسيئة نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 43
والمؤمنين، كآدم وغيره. وإذا أصر، واحتج بالقدر، فقد تأسى بالأشقياء، كإبليس ومن اتبعه من الغاوين.
فكان من ذكره: أن السيئة من نفس الإنسان بذنوبه، بعد أن ذكر: أن الجميع من عند الله تنبيهاً على الاستغفار والتوبة، والاستعاذة بالله من شر نفسه وسيئات عمله، والدعاء بذلك في الصباح والمساء، وعند المنام، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أبا بكر الصديق، أفضل الأمة، حيث علمه أن يقول: " اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشِرْكه، وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم ". فيستغفر مما مضى، ويستعيذ مما يستقبل، فيكون من حزب السعداء.
وإذا علم أن الحسنة من الله الجزاء والعمل سأله أن يعينه على فعل الحسنات، بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، وبقوله: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ، وقوله: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] ونحو ذلك.
وأما إذا أخبر أن الجميع من عند الله فقط، ولم يذكر الفرق، فإنه يحصل من هذا التسوية، فأعرض العاصي والمذنب عن ذم نفسه وعن التوبة من ذنوبها، والاستعاذة من شرها، بل وقام في نفسه أن يحتج على الله بالقدر. وتلك حجة داحضة لا تنفعه، بل تزيده عذاباً وشقاء، كما زادت إبليس لما قال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16] ، وقال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] .
وكالذين يقولون يوم القيامة: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: 57] ، وكالذين قالوا: {لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 148] .

نام کتاب : الحسنة والسيئة نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست