responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة العرشية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 15
فَأَوْجَبَ ذَلِكَ أَنْ كَذَّبَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِعِلْمِهِ، حَتَّى آلَ الْأَمْرُ بِقَوْمِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ إلَى أَنْ تَكَلَّمُوا فِي مُعَارَضَةِ الْفَلَاسِفَةِ فِي [الْأَفْلَاكِ] بِكَلَامِ لَيْسَ مَعَهُمْ بِهِ حُجَّةٌ، لَا مِنْ شَرْعٍ وَلَا مِنْ عَقْلٍ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ مِنْ نَصْرِ الشَّرِيعَةِ، وَكَانَ مَا جَحَدُوهُ مَعْلُومًا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْضًا.
وَأَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ، فَغَايَتُهُمْ أَنْ يَسْتَدِلُّوا بِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ، وَلَا يَعْلَمُونَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْبُخَارَ الْمُتَصَاعِدَ يَنْعَقِدُ سَحَابًا، وَأَنَّ السَّحَابَ إذَا اصْطَكَّ حَدَثَ عَنْهُ صَوْتٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، لَكِنْ عِلْمُهُمْ بِهَذَا كَعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَنِيَّ يَصِيرُ فِي الرَّحِمِ، لَكِنْ مَا الْمُوجِبُ لِأَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ الْمُتَشَابِهُ الْأَجْزَاءِ تُخْلَقُ مِنْهُ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ، وَالْمَنَافِعُ الْمُخْتَلِفَةُ، عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الْمُحْكَمِ الْمُتْقَنِ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ مَا بَهَرَ الْأَلْبَابَ.
وَكَذَلِكَ مَا الْمُوجِبُ لِأَنْ يَكُونَ هَذَا الْهَوَاءُ، أَوْ الْبُخَارُ مُنْعَقِدًا سَحَابًا مُقَدَّرًا بِقَدْرِ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ عَلَى مَكَانٍ مُخْتَصٍّ بِهِ؟ وَيَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ فَيَسْقِيهِمْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لَا يَزِيدُ فَيَهْلَكُوا وَلَا يَنْقُصُ فَيَعُوزُوا؟ وَمَا الْمُوجِبُ لِأَنْ يُسَاقَ إلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ الَّتِي لَا تُمْطِرُ، أَوْ تُمْطِرُ مَطَرًا لَا يُغْنِيهَا كَأَرْضِ مِصْرَ إذْ كَانَ الْمَطَرُ الْقَلِيلُ لَا يَكْفِيهَا، وَالْكَثِيرُ يَهْدِمُ أَبْنِيَتَهَا قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27].
وَكَذَلِكَ السَّحَابُ الْمُتَحَرِّكُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ حَرَكَةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَسْرِيَّةً وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْقَاسِرِ، أَوْ طَبِيعِيَّةً. وَإِنَّمَا تَكُونُ إذَا خَرَجَ الْمَطْبُوعُ عَنْ مَرْكَزِهِ فَيُطْلَبُ عَوْدُهُ إلَيْهِ، أَوْ إرَادِيَّةً، وَهِيَ الْأَصْلُ، فَجَمِيعُ الْحَرَكَاتِ تَابِعَةٌ لِلْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْ

نام کتاب : الرسالة العرشية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست