responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة العرشية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 26
ثُمَّ أَصْعَدُ إلَى الْفَلَكِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، فَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا فِي الْمَقْدُورِ، لَكِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ مِنْ جِهَةِ امْتِنَاعِ إرَادَةِ الْقَاصِدِ لَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْفِطْرَةِ، فَإِنَّ الْقَاصِدَ يَطْلُبُ مَقْصُودَهُ بِأَقْرَبِ طَرِيقٍ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ مَعْبُودَهُ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَإِذَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ كَانَ سَيْرُهُ مَنْكُوسًا مَعْكُوسًا.
أَيْضًا، فَإِنَّ هَذَا يَجْمَعُ فِي سَيْرِهِ وَقَصْدِهِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، بَيْنَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إلَى الْمَقْصُودِ وَيَتَبَاعَدَ عَنْهُ، وَيُرِيدَهُ وَيَنْفِرَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ عَنْهُ أَبْعَدُ وَأَقْصَى وَعَدَلَ عَنْ الْوَجْهِ الْأَقْرَبِ الْأَدْنَى، كَانَ جَامِعًا بَيْنَ قَصْدَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ، فَلَا يَكُونُ قَصْدُهُ لَهُ تَامًّا، إذْ الْقَصْدُ التَّامُّ يَنْفِي نَقِيضَهُ وَضِدَّهُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ.
فَإِنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ يُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحَبَّةً تَامَّةً وَيَقْصِدُهُ أَوْ يُحِبُّ غَيْرَهُ مِمَّنْ يُحِبُّ سَوَاءٌ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ مَحْمُودَةً أَوْ مَذْمُومَةً مَتَى كَانَتْ الْمَحَبَّةُ تَامَّةً، وَطَلَبَ الْمَحْبُوبُ طَلَبَهُ مِنْ أَقْرَبِ طَرِيقٍ يَصِلُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْمَحَبَّةُ مُتَرَدِّدَةً مِثْلُ: أَنْ يُحِبَّ مَا تَكْرَهُ مَحَبَّتَهُ فِي الدِّينِ، فَتَبْقَى شَهْوَتُهُ تَدْعُوهُ إلَى قَصْدِهِ، وَعَقْلِهِ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَتَرَاهُ يَقْصِدُهُ مِنْ طَرِيقٍ بَعِيدٍ، كَمَا تَقُولُ الْعَامَّةُ: رَجُلٌ إلَى قُدَّامَ، وَرَجُلٌ إلَى خَلْفٍ.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي دِينِهِ نَقْصٌ، وَعَقْلُهُ يَأْمُرُهُ بِقَصْدِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْجِهَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ القصودات الَّتِي تُحَبُّ فِي الدِّينِ وَتَكْرَهُهَا النَّفْسُ، فَإِنَّهُ يَبْقَى قَاصِدًا لِذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ بَعِيدٍ مُتَبَاطِئًا فِي السَّيْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ.
وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاصِدُ يُرِيدُ الذَّهَابَ بِنَفْسِهِ، بَلْ يُرِيدُ

نام کتاب : الرسالة العرشية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست