responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 136
وَتَزُولُ، فَلَا تَبْقَى بِحَالٍ، بِخِلَافِ صِفَاتِ اللَّهِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ عُقَلَاءِ بَنِي آدَمَ فَقَالُوا: هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِلْمَعْلُومِ بِالْحِسِّ، وَالْتَزَمَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَجْلِهَا نَفْيَ صِفَاتِ الرَّبِّ مُطْلَقًا، أَوْ نَفْيَ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ الدَّالَّ عِنْدَهُمْ عَلَى حُدُوثِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ قِيَامُ الصِّفَاتِ بِهَا، وَالدَّلِيلُ بِحَسَبِ طَرْدِهِ، وَالْتَزَمُوا حُدُوثَ كُلِّ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهِ، وَهُوَ أَيْضًا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالضَّلَالِ، وَلِهَذَا الْتَزَمُوا الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَإِنْكَارِ رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ، وَعُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ، إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِمِ الَّتِي الْتَزَمَهَا مَنْ طَرَدَ مُقَدِّمَاتِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ أَصْلَ دِينِهِمْ. فَهَذِهِ دَاخِلَةٌ فِيمَا سَمَّاهُ هَؤُلَاءِ أُصُولَ الدِّينِ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ، وَأَمَّا الدِّينُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] . فَذَاكَ لَهُ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ بِحَسَبِهِ.
وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ مُسَمَّى أُصُولِ الدِّينِ فِي عُرْفِ النَّاطِقِينَ بِهَذَا الِاسْمِ فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ بِحَسَبِ الْأَوْضَاعِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ، تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي هُوَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أُصُولُ الدِّينِ فِيهِ مَوْرُوثٌ عَنْ الرَّسُولِ، وَأَمَّا مَنْ شَرَعَ دِينًا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ أُصُولَهُ الْمُسْتَلْزِمَةَ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنْقُولَةً عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ هُوَ بَاطِلٌ، وَمَلْزُومُ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ، كَمَا أَنَّ لَازِمَ الْحَقِّ حَقٌّ. وَهَذَا التَّقْسِيمُ يُنَبِّهُ أَيْضًا عَلَى مُرَادِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ بِذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ، إذْ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ لِمَنْ اسْتَدَلَّ بِالْأَدِلَّةِ الْفَاسِدَةِ، أَوْ اسْتَدَلَّ عَلَى الْمَقَالَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ الْحَقَّ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ حُكْمًا وَدَلِيلًا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ، وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
وَأَمَّا مُخَاطَبَةُ أَهْلِ اصْطِلَاحٍ بِاصْطِلَاحِهِمْ وَلُغَتِهِمْ، فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إذَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ، وَكَانَتْ الْمَعَانِي صَحِيحَةً كَمُخَاطَبَةِ الْعَجَمِ مِنْ الرُّومِ وَالْفُرْسِ وَالتُّرْكِ بِلُغَتِهِمْ وَعُرْفِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ حَسَنٌ لِلْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا كَرِهَهُ الْأَئِمَّةُ إذَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ، وَلِهَذَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست