responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 247
وَظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَدِيثَ مَعْمَرٍ مَحْفُوظٌ فَعَمِلُوا بِهِ، وَمِمَّنْ ثَبَتَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِيمَا جَمَعَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. كَذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ لَمَّا أَفْتَى بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَحْتَجُّ أَحْيَانًا بِأَحَادِيثَ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ كَاحْتِجَاجِهِ بِقَوْلِهِ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُولٌ، فَاسْتَدَلَّ بِغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا فَعَلَّلُوا حَدِيثَ مَعْمَرٍ، وَبَيَّنُوا غَلَطَهُ، وَالصَّوَابُ مَعَهُمْ.
فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْته مِنْ الزُّهْرِيِّ مِرَارًا لَا يَرْوِيهِ إلَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ إلَّا قَوْلُهُ: «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا» رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، أَنَّ الزُّهْرِيَّ سُئِلَ عَنْ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ وَغَيْرِهِ، فَأَفْتَى «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ» .
فَهَذِهِ فُتْيَا الزُّهْرِيِّ فِي الْجَامِدِ وَغَيْرِ الْجَامِدِ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَدْ رَوَى فِي الْحَدِيثِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَحْتَجُّ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِ النَّوْعَيْنِ بِالْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى. وَالزُّهْرِيُّ أَحْفَظُ أَهْلِ زَمَانِهِ، حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ غَلَطٌ فِي حَدِيثٍ وَلَا نِسْيَانٌ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَكْثَرُ حَدِيثًا مِنْهُ، وَيُقَالُ إنَّهُ حَفِظَ عَلَى الْأُمَّةِ تِسْعِينَ سُنَّةً لَمْ يَأْتِ بِهَا غَيْرُهُ، وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ كِتَابًا مِنْ حِفْظِهِ ثُمَّ اسْتَعَادَهُ مِنْهُ بَعْدَ عَامٍ، فَلَمْ يُخْطِئْ مِنْهُ حَرْفًا
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ إلَّا نِسْيَانُ الزُّهْرِيِّ، أَوْ مَعْمَرٍ، لَكَانَ نِسْبَةُ النِّسْيَانِ إلَى مَعْمَرٍ أَوْلَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّجَالِ، مَعَ كَثْرَةِ الدَّلَائِلِ عَلَى نِسْيَانِ مَعْمَرٍ، وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مَعْمَرًا كَثِيرُ الْغَلَطِ عَلَى الزُّهْرِيِّ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست