responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 314
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُنَازِعِ: إنَّ فَرْضَ مَا ظَهَرَ الْغَسْلُ؛ وَمَا بَطَنَ الْمَسْحُ؛ فَهَذَا خَطَأٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا بَطَنَ مِنْ الْقَدَمِ يُمْسَحُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي يُلَاقِيهِ مِنْ الْخُفِّ، بَلْ إذَا مَسَحَ ظَهْرَ الْقَدَمِ أَجْزَأَهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَسْتَحِبُّ مَسْحَ أَسْفَلِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَمْسَحُ خُطَطًا بِالْأَصَابِعِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَ الْخُفِّ، كَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ الْجَبِيرَةَ، فَإِنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ يَقُومُ مَقَامَ غَسْلِ نَفْسِ الْعُضْوِ، فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهَا إلَّا بِضَرَرٍ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ، وَشَعْرِ الرَّأْسِ، وَظُفْرِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ نَزْعُهُ وَغَسْلُ الْقَدَمِ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ وَاجِبًا، وَمَسْحُ الْخُفَّيْنِ جَائِزًا: إنْ شَاءَ مَسَحَ، وَإِنْ شَاءَ خَلَعَ.

وَلِهَذَا فَارَقَ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ الْخُفَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ وَذَلِكَ جَائِزٌ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا يَجُوزُ فِي الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا ذَلِكَ، وَمَسْحُ الْخُفَّيْنِ لَا يَكُونُ فِي الْكُبْرَى، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ الْقَدَمَيْنِ، كَمَا عَلَيْهِ أَنْ يُوصِلَ الْمَاءَ إلَى جِلْدِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَفِي الْوُضُوءِ يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ عَلَى ظَاهِرِ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَغَسْلِ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ، فَكَذَلِكَ الْخِفَافُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا فِي الصُّغْرَى، فَإِنَّهُ لَمَّا احْتَاجَ إلَى لُبْسِهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ مِنْ الشَّعْرِ، الَّذِي يُمْكِنُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِهِ، وَلَكِنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَالْغُسْلُ لَا يَتَكَرَّرُ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يُمْسَحُ عَلَيْهَا إلَى أَنْ يَحُلَّهَا، لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيتٌ، فَإِنَّ مَسْحَهَا لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ؛ فَإِنَّ مَسْحَهُ مُوَقَّتٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِنَّ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي خَلْعِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ ضَرَرٌ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ، مَتَى خَلَعَ خُفَّيْهِ تَضَرَّرَ، كَمَا يُوجَدُ فِي أَرْضِ الثُّلُوجِ وَغَيْرِهَا، أَوْ كَانَ فِي رُفْقَةٍ مَتَى خَلَعَ وَغَسَلَ لَمْ يَنْتَظِرُوهُ، فَيَنْقَطِعُ عَنْهُمْ فَلَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ، أَوْ يَخَافُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ، أَوْ كَانَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَاتَهُ وَاجِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
فَهُنَا قِيلَ: إنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا هُنَا صَارَ كَلُبْسِ الْجَبِيرَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست