responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 355
غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَيَسَّرَتْ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ، لَكِنْ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، فَاشْتُرِطَ لَهَا أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ، وَاشْتُرِطَ لِلْفَرْضِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِلنَّفْلِ مِنْ الْقِيَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَجَازَ التَّطَوُّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ كَمَا مَضَتْ بِهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ: أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ قِبَلَ أَيَّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ.
وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهِ، وَهُوَ صَلَاةٌ بِلَا قِيَامٍ وَلَا اسْتِقْبَالٍ لِلْقِبْلَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُتَطَوِّعَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا كَذَلِكَ فَلَوْ نَهَى عَنْ التَّطَوُّعِ أَفْضَى إلَى تَفْوِيتِ عِبَادَةِ اللَّهِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إلَّا كَذَلِكَ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ، فَإِنَّهُ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ لَهُ، وَلَا يَقْطَعُهُ ذَلِكَ عَنْ سَفَرِهِ، وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ النُّزُولُ، لِقِتَالٍ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ وَحْلٍ، صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ أَيْضًا. وَرُخِّصَ فِي التَّطَوُّعِ جَالِسًا، لَكِنْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ يُمْكِنُهُ مَعَ الْجُلُوسِ، فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بِخِلَافِ تَكْلِيفِهِ الْقِيَامَ، فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّطَوُّعِ، وَكَانَ ذَلِكَ تَيْسِيرًا لِلصَّلَاةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَأَوْجَبَ اللَّهُ فِي الْفَرْضِ مَا لَا يَجِبُ فِي النَّفْلِ. وَكَذَلِكَ السُّجُودُ دُونَ صَلَاةِ النَّفْلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ أَفْضَلَ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَكْمَلُ مِنْ النَّفْلِ مِنْ وَجْهٍ، فَاشْتُرِطَ لَهَا الْقِيَامُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَذَّرُ، وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ، فَهِيَ أَكْمَلُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَالْمَقْصُودُ الْأَكْبَرُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هُوَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ مَا فِيهَا مِنْ الذِّكْرِ دُعَاءٌ، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ هَلْ فِيهَا قِرَاءَةٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ: لَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا دُعَاءً بِعَيْنِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّتُ فِيهَا وُجُوبُ شَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ، وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا سُنَّةً، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَالنَّاسُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ: قِيلَ: تُكْرَهُ. وَقِيلَ: تَجِبُ. وَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، لَا تُكْرَهُ، وَلَا تَجِبُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قُرْآنٌ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ، فَلَوْ كَانَتْ الْفَاتِحَةُ وَاجِبَةً فِيهَا كَمَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ التَّامَّةِ لَشُرِعَ فِيهَا قِرَاءَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْفَاتِحَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ نِصْفُهَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ، وَنِصْفُهَا دُعَاءٌ لِلْمُصَلِّي نَفْسِهِ، لَا دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ،

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست