responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 379
يُقَالُ لَهُ وُجُودٌ فِي الْأَعْيَانِ، وَفِي خَارِجِ الْأَذْهَانِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ هَكَذَا فِي الْقَلْبِ خَاصًّا مُتَمَيِّزًا، وَأَمَّا الْجِنْسُ الْمُطْلَقُ مِثْلُ الْإِنْسَانِ الْمُجَرَّدِ عَنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ نَفْسُ الْحَقِيقَةِ، وَمُطْلَقُ الْجِنْسِ، فَهَذَا كَمَا لَا يَتَقَيَّدُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَحَلِّهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِالْقُلُوبِ فَتُجْعَلُ مَحَلًّا لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَرُبَّمَا جُعِلَ مَوْجُودًا فِي الْأَعْيَانِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ فِي كُلِّ إنْسَانٍ حَظًّا مِنْ مُطْلَقِ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَالْمَوْجُودُ فِي الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ النَّوْعِ حَظُّهَا وَقِسْطُهَا.
فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَقَوْلُهُ: «فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ» بَيَانٌ لِلْبَوْلِ الْمَعْهُودِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُصِيبُهُ وَهُوَ بَوْلُ نَفْسِهِ. يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا سَبْعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: مَا رُوِيَ «فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ» وَالِاسْتِبْرَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ بَوْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ بَرَاءَةَ الذَّكَرِ، كَاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنْ الْوَلَدِ.
الثَّانِي: أَنَّ اللَّامَ تُعَاقِبُ الْإِضَافَةَ، فَقَوْلُهُ: " مِنْ الْبَوْلِ " كَقَوْلِهِ: " مِنْ بَوْلِهِ " وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ} [ص: 50] أَيْ أَبْوَابُهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ: «فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» وَهَذَا يُفَسِّرُ تِلْكَ الرَّاوِيَةَ. ثُمَّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي اللَّفْظِ مُتَأَخِّرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ رَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْلُومٌ إنَّ الْمُحَدِّثَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَكَرُّرِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعُلِمَ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ بِالْمَعْنَى، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ اللَّفْظَيْنِ هُوَ الْأَصْلُ. ثُمَّ إنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ اللَّفْظَيْنِ، مَعَ أَنَّ مَعْنَى أَحَدِهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَعْنَى الْآخَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا، فَالظَّاهِرُ الْمُوَافَقَةُ.
يُبَيِّنُ هَذَا: أَنَّ الْحَدِيثَ فِي حِكَايَةِ حَالٍ، لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَبْرَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست