responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 405
لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مُسْتَخْبَثَةٌ كَالْحَشَرَاتِ فَقَدْ رَأَيْنَا طِيبَ الْمَطْعَمِ يُؤَثِّرُ فِي الْحِلِّ، وَخُبْثَهُ يُؤَثِّرُ فِي الْحُرْمَةِ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي لُحُومِ الْجَلَّالَةِ، وَلَبَنِهَا، وَبَيْضِهَا، فَإِنَّهُ حُرِّمَ الطِّيبُ لِاغْتِذَائِهِ بِالْخَبِيثِ، وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ الْمُسْقَى بِالْمَاءِ النَّجِسِ، وَالْمُسَمَّدُ بِالسِّرْقِينِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْنَا عَدَمَ الطَّعَامِ يُؤَثِّرُ فِي طَهَارَةِ الْبَوْلِ، أَوْ خِفَّةِ نَجَاسَتِهِ، مِثْلُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ.
فَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَشْيَاءَ: مِنْهَا أَنَّ الْأَبْوَالَ قَدْ يُخَفَّفُ شَأْنُهَا بِحَسَبِ الْمُطْعَمِ كَالصَّبِيِّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا تَكُونُ مَطَاعِمُهَا إلَّا طَيِّبَةً، فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ تَكُونَ أَبْوَالُهَا طَاهِرَةً لِذَلِكَ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمُطْعَمَ إذَا خَبُثَ وَفَسَدَ حُرِّمَ مَا نَبَتَ مِنْهُ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ، وَبَيْضٍ: كَالْجَلَّالَةِ وَالزَّرْعِ الْمُسَمَّدِ، وَكَالطَّيْرِ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ. فَإِذَا كَانَ فَسَادُهُ يُؤَثِّرُ فِي تَنْجِيسِ مَا تُوجِبُهُ الطَّهَارَةُ وَالْحِلُّ، فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ طِيبُهُ وَحِلُّهُ يُؤَثِّرُ فِي تَطْهِيرِ مَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ نَجِسًا مُحَرَّمًا، فَإِنَّ الْأَرْوَاثَ، وَالْأَبْوَالَ مُسْتَحِيلَةٌ مَخْلُوقَةٌ فِي بَاطِنِ الْبَهِيمَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ.
يُبَيِّنُ هَذَا مَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأَرْوَاثِ مِنْ مُخَالَفَتِهَا غَيْرَهَا مِنْ الْأَرْوَاثِ فِي الْخَلْقِ، وَالرِّيحِ وَاللَّوْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ فَيَكُونُ فَرْقُ مَا بَيْنَهُ فَرْقَ مَا بَيْنِ اللَّبَنَيْنِ، وَالْمَنْبَتَيْنِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ خِلَافُهَا لِلْإِنْسَانِ. يُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ: مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِلَى الْيَوْمِ، فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ، مَا زَالُوا يَدُوسُونَ الزُّرُوعَ الْمَأْكُولَةَ بِالْبَقَرِ، وَيُصِيبُ الْحَبَّ مِنْ أَرْوَاثِ الْبَقَرِ وَأَبْوَالِهَا، وَمَا سَمِعْنَا أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ غَسَلَ حَبًّا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُنَجَّسًا أَوْ مُسْتَقْذَرًا لَأَوْشَكَ أَنْ يُنْهُوا عَنْهَا، وَأَنْ تَنْفِرَ عَنْهُ نُفُوسُهُمْ نُفُورَهَا عَنْ بَوْلِ الْإِنْسَانِ، وَلَوْ قِيلَ: هَذَا إجْمَاعٌ عَمَلِيٌّ لَكَانَ حَقًّا، وَكَذَلِكَ مَا زَالَ يَسْقُطُ فِي الْمَحَالِبِ مِنْ أَبْعَارِ الْأَنْعَامِ، وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَحْتَرِزُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ عَفَا عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست