responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 434
وَالْفِضَّةِ، قِيَاسًا عَلَى مَنْ يُبِيحُ إلْبَاسَهَا الثَّوْبَ النَّجِسَ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ، كَمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ لِبَاسِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ حَرَّمَ افْتِرَاشَهُ عَلَى النِّسَاءِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمَرَاوِزَةِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَبَاحَهُ لِلرِّجَالِ، كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الِافْتِرَاشَ كَاللِّبَاسِ، يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الِافْتِرَاشَ لِلِّبَاسِ، كَمَا قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْت إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ التَّزَيُّنِ عَلَى الْبَدَنِ إبَاحَةُ الْمُنْفَصِلِ، كَمَا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
وَإِذَا تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ حَاجَةً وَمَا يُسَمُّونَهُ ضَرُورَةً فَيَسِيرُ الْفِضَّةِ التَّابِعِ يُبَاحُ عِنْدَهُمْ لِلْحَاجَةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا انْكَسَرَ شُعِّبَ بِالْفِضَّةِ» ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّاعِبُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ كَانَ هُوَ أَنَسًا.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْيَسِيرُ لِلزِّينَةِ، فَفِيهِ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ: التَّحْرِيمُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَالْكَرَاهَةُ. قِيلَ: وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُبَاشَرُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ، فَيُنْهَى عَنْ الْعِنَبَةِ فِي مَوْضِعِ الشُّرْبِ دُونَ غَيْرِهِ. وَلِهَذَا كُرِهَ حَلْقَةُ الذَّهَبِ فِي الْإِنَاءِ اتِّبَاعًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى مَا اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ مَرْفُوعًا مِنْ شُرْبٍ فِي إنَاءٍ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَلِهَذَا كَانَ الْمُبَاحُ مِنْ الضَّبَّةِ إنَّمَا يُبَاحُ لَنَا اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ، قِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَلِذَلِكَ كَرِهَ أَحْمَدُ الْحَلْقَةَ فِي الْإِنَاءِ اتِّبَاعًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْكَرَاهَةُ مِنْهُ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى التَّنْزِيهِ، أَوْ التَّحْرِيمِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَصْحَابِهِ، وَهَذَا الْمَنْعُ هُوَ مُقْتَضَى النَّصِّ وَالْقِيَاسِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَ الشَّيْءِ مُطْلَقًا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، كَمَا أَنَّ تَحْرِيمَ الْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ اقْتَضَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ أَبْعَاضِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ اقْتَضَى النَّهْيَ عَنْ أَبْعَاضِ ذَلِكَ، لَوْلَا مَا وَرَدَ مِنْ اسْتِثْنَاءِ مَوْضِعِ إصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست