responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 79
لَا يَخَافُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، خَارِجٌ عَنْ الْمُمْكِنَاتِ وَالْمَقْدُورَاتِ، فَإِنَّ مَثَلَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ مُمْكِنًا حَتَّى يَقُولُوا إنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَلَوْ أَرَادَهُ، كَخَلْقِ الْمِثْلِ لَهُ، فَكَيْفَ يُعْقَلُ وُجُودُهُ، فَضْلًا أَنْ يُتَصَوَّرَ خَوْفٌ حَتَّى يَنْفِيَ خَوْفَهُ، ثُمَّ أَيُّ فَائِدَةٍ فِي نَفْيِ خَوْفِ هَذَا، قَدْ عُلِمَ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ أَنَّ هَذَا لِلْعَامِلِ الْمُحْسِنِ لَا يُجْزَى عَلَى إحْسَانِهِ بِالظُّلْمِ وَالْهَضْمِ، فَعُلِمَ أَنَّ الظُّلْمَ وَالْهَضْمَ الْمَنْفِيَّ يَتَعَلَّقُ بِالْجَزَاءِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُجْزِيهِ إلَّا بِعَمَلِهِ، وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا مَنْ أَذْنَبَ، كَمَا قَالَ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85] . فَلَوْ دَخَلَهَا أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ أَتْبَاعِهِ لَمْ تَمْتَلِئْ مِنْهُمْ.
وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فِي حَدِيثِ: «تَحَاجِّ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ» ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ: «أَنَّ النَّارَ تَمْتَلِئُ مِمَّنْ كَانَ أُلْقِيَ فِيهَا حَتَّى يَنْزَوِيَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطُّ قَطُّ بَعْدَ قَوْلِهَا: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَيَبْقَى فِيهَا فَضْلٌ عَمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ» ، وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ فِيمَنْ لَمْ يُكَلَّفْ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَنَحْوِهِمْ مَا صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ، فَلَا نَحْكُمُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَلَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِالنَّارِ، بَلْ هُمْ يَنْقَسِمُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْعِلْمِ، فَهُمْ إذَا كُلِّفُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْعَرَصَاتِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ.

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] يَدُلُّ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَظْلِمُ مُحْسِنًا، فَيُنْقِصَهُ مِنْ إحْسَانِهِ، أَوْ يَجْعَلَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَظْلِمُ مُسِيئًا فَيَجْعَلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ، بَلْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: 36] {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] .
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست