responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 82
وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: الظُّلْمُ إضْرَارٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَاقِبُ أَحَدًا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: هُوَ نَقْصُ الْحَقِّ، وَذُكِرَ أَنَّ أَصْلَهُ النَّقْصُ، كَقَوْلِهِ: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33] . وَأَمَّا مَنْ قَالَ: هُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، فَهَذَا لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، فَقَدْ يَتَصَرَّفُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِحَقٍّ وَلَا يَكُونُ ظَالِمًا، وَقَدْ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ ظَالِمًا، وَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: فِعْلُ الْمَأْمُورِ خِلَافُ مَا أُمِرَ بِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، إنْ سُلِّمَ صِحَّةُ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، فَهُوَ لَا يَفْعَلُ خِلَافَ مَا كَتَبَ، وَلَا يَفْعَلُ مَا حَرَّمَ. وَلَيْسَ هَذَا الْجَوَابُ مَوْضِعَ بَسْطِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي نَبَّهْنَا عَلَيْهَا فِيهِ، وَإِنَّمَا نُشِيرُ إلَى النُّكَتِ. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْقَوْلُ الْمُتَوَسِّطُ: وَهُوَ أَنَّ الظُّلْمَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ، مِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ حَسَنَاتِ الْمُحْسِنِ فَلَا يُجْزِيهِ بِهَا، وَيُعَاقِبَ الْبَرِيءَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْ مِنْ السَّيِّئَاتِ، وَيُعَاقِبَ هَذَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ، أَوْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِغَيْرِ الْقِسْطِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَنَزَّهُ الرَّبُّ عَنْهَا، لِقِسْطِهِ وَعَدْلِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الظُّلْمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ، فَهُوَ أَيْضًا مُنَزَّهٌ عَنْ أَفْعَالِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ.
وَعَلَى قَوْلِ الْفَرِيقِ الثَّانِي: مَا ثَمَّ فِعْلٌ يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْهُ أَصْلًا، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ مُتَكَلِّمُو الْإِثْبَاتِ لَمَّا نَاظَرُوا مُتَكَلِّمَةَ النَّفْيِ أَلْزَمُوهُمْ لَوَازِمَ لَمْ يَنْفَصِلُوا عَنْهَا إلَّا بِمُقَابَلَةِ الْبَاطِلِ بِالْبَاطِلِ. وَهَذَا مِمَّا عَابَهُ الْأَئِمَّةُ وَذَمُّوهُ، كَمَا عَابَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالزَّبِيدِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُمْ مُقَابَلَةَ الْقَدَرِيَّةِ بِالْغُلُوِّ فِي الْإِثْبَاتِ، وَأَمَرُوا بِالِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَمَا عَابُوا أَيْضًا عَلَى مَنْ قَابَلَ الْجَهْمِيَّةَ نُفَاةِ الصِّفَاتِ بِالْغُلُوِّ فِي الْإِثْبَاتِ،

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست