responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 88
قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ، كَسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْهَاشِمِيِّ، وَغَيْرِهِ مَا مَعْنَاهُ: إنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ الَّذِي خُلِقَ فِي فِرْعَوْنَ حَتَّى قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات: 24] ، كَالْكَلَامِ الَّذِي خُلِقَ فِي الشَّجَرَةِ، حَتَّى قَالَتْ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا} [طه: 14] . فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِرْعَوْنُ مُحِقًّا، أَوْ تَكُونُ الشَّجَرَةُ كَفِرْعَوْنَ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِنَحْوِ الِاتِّحَادِيَّةِ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ وَيُنْشِدُونَ:
وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ ... سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ
وَهَذَا يَسْتَوْعِبُ أَنْوَاعَ الْكُفْرِ. وَلِهَذَا كَانَ مِنْ الْأَمْرِ الْبَيِّنِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ: الْمُتَكَلِّمُ لَا يَقُومُ بِهِ كَلَامٌ أَصْلًا، فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ، إذْ لَيْسَ الْمُتَكَلِّمُ إلَّا هَذَا، وَلِهَذَا كَانَ أَوَّلُهُمْ يَقُولُونَ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ، ثُمَّ قَالُوا: هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَذَلِكَ لِمَا اسْتَقَرَّ فِي الْفِطَرِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِهِ كَلَامٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ فَاعِلًا لَهُ. كَمَا يَقُومُ بِهِ بِالْإِنْسَانِ كَلَامُهُ وَهُوَ كَاسِبٌ لَهُ، أَمَّا أَنْ يُجْعَلَ مُجَرَّدُ إحْدَاثِ الْكَلَامِ فِي غَيْرِهِ كَلَامًا لَهُ فَهَذَا هُوَ الْبَاطِلُ.
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الظُّلْمِ، فَهَبْ أَنَّ الظَّالِمَ مَنْ فَعَلَ الظُّلْمَ، فَلَيْسَ هُوَ مِنْ فِعْلِهِ فِي غَيْرِهِ، وَلَمْ يَقُمْ بِهِ فِعْلٌ أَصْلًا، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَامَ بِهِ فِعْلٌ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا إلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا جَوَابٌ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ الظُّلْمُ فِيهِ نِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ، فَهُوَ ظُلْمٌ مِنْ الظَّالِمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عُدْوَانٌ وَبَغْيٌ مِنْهُ، وَهُوَ ظُلْمٌ لِلْمَظْلُومِ بِمَعْنَى أَنَّهُ بَغَى وَاعْتَدَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَدًى عَلَيْهِ بِهِ، وَلَا هُوَ مِنْهُ عُدْوَانٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِظُلْمٍ، لَا مِنْهُ وَلَا لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إذَا خَلَقَ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فَذَلِكَ مِنْ جِنْسِ خَلْقِهِ لِصِفَاتِهِمْ فَهُمْ الْمَوْصُوفُونَ بِذَلِكَ. فَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا جَعَلَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ أَسْوَدَ، وَبَعْضَهَا أَبْيَضَ، أَوْ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا أَوْ مُتَحَرِّكًا أَوْ سَاكِنًا، أَوْ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ قَادِرًا أَوْ عَاجِزًا أَوْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، أَوْ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ سَعِيدًا أَوْ شَقِيًّا، أَوْ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، كَانَ ذَلِكَ الْمَخْلُوقُ هُوَ الْمَوْصُوفَ، بِأَنَّهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ، وَالطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ، وَالْحَيُّ وَالْمَيِّتُ، وَالظَّالِمُ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست