responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 91
الصِّنْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، كَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَنُوَّابِهِمْ، وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَاَلَّذِي يَقُومُ بِالْجِهَادِ صَاحِبُ الْحَدِيدِ. إلَى أَنْ تَفَرَّقَ الْأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا تَفَرَّقَ صَارَ كُلُّ مَنْ قَامَ بِأَمْرِ الْحَرْبِ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ وَعُقُوبَاتِ الْفُجَّارِ يَجِبُ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَامَ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَقَسْمِهَا يَجِبُ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَامَ بِالْكِتَابِ بِتَبْلِيغِ أَخْبَارِهِ وَأَوَامِرِهِ وَبَيَانِهَا يَجِبُ أَنْ يُصَدَّقَ وَيُطَاعَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ الصِّدْقِ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَيَأْمُرُونَ بِأَشْيَاءَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْأَعْرَافِ، وَغَيْرِهِمَا يَذُمُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَا أَمَرَ بِهِ هُوَ وَمَا حَرَّمَهُ هُوَ فَقَالَ: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29] .
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] . وَهَذِهِ الْآيَةُ تَجْمَعُ أَنْوَاعَ الْمُحَرَّمَاتِ، كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَتِلْكَ الْآيَةُ تَجْمَعُ أَنْوَاعَ الْوَاجِبَاتِ كَمَا بَيَّنَّاهُ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: {أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29] . أَمَرَ مَعَ الْقِسْطِ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَهَذَا أَصْلُ الدِّينِ، وَضِدُّهُ هُوَ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ، قَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] . وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُلِ، وَأَرْسَلَهُمْ بِهِ إلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ، قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] .
وَقَالَ - تَعَالَى -

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست