responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 182
ذَلِكَ يُوجِبُ التَّحْدِيدَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَنَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى عُلُوِّ الْغَلَبَةِ لَا عُلُوِّ الذَّاتِ، وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُلُوَّ الْغَلَبَةِ. وَالْعُلُوُّ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْعُلُوِّ ; لِأَنَّ الْعُلُوَّ صِفَةُ مَدْحٍ فَثَبَتَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عُلُوَّ الذَّاتِ وَعُلُوَّ الصِّفَاتِ وَعُلُوَّ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَفِي مَنْعِهِمُ الْإِشَارَةُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ جِهَةِ الْفَوْقِ خِلَافٌ مِنْهُمْ لِسَائِرِ الْمِلَلِ ; لِأَنَّ جَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرَ الْمِلَلِ قَدْ وَقَعَ مِنْهُمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْإِشَارَةِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ جِهَةِ الْفَوْقِ فِي الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ، وَاتِّفَاقُهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ حُجَّةٌ، وَلَمْ يَسْتَجِزْ أَحَدٌ الْإِشَارَةَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْأَسْفَلِ وَلَا مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ سِوَى جِهَةِ الْفَوْقِ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] وَقَالَ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] . وَقَالَ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وَأَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ قَالَ: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 36 - 37] فَكَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ فَهِمَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ يُثْبِتُ إِلَهًا فَوْقَ السَّمَاءِ، حَتَّى رَامَ بِصَرْحِهِ أَنْ يَطَّلِعَ إِلَيْهِ وَاتَّهَمَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْكَذِبِ فِي ذَلِكَ، وَالْجَهْمِيَّةُ لَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَهَا بِوُجُودِ ذَاتِهِ فَهُمْ أَعْجَزُ فَهْمًا مِنْ فِرْعَوْنَ (بَلْ وَأَضَلُّ) ، وَقَدْ صَحَّ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقَهَا أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» . فَحَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِإِيمَانِهَا حِينَ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ، وَحَكَمَ الْجَهْمِيُّ بِكُفْرِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ. هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَبِي الْقَاسِمِ التَيْمِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

نام کتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست